٣٨٤٧ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَخْبِرْنِي عَنِ الْجِهَادِ، فَقَالَ: " يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو! إِنْ قَاتَلْتَ صَابِرًا مُحْتَسِبًا ; بَعَثَكَ اللَّهُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا. وَإِنْ قَاتَلْتَ مُرَائِيًا مُكَاثِرًا ; بَعَثَكَ اللَّهُ مُرَائِيًا مُكَاثِرًا. يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو! عَلَى أَيِّ حَالٍ قَاتَلْتَ، أَوْ قُتِلْتَ ; بَعَثَكَ اللَّهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
٣٨٤٧ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: بِالْوَاوِ (أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَخْبِرْنِي عَنِ الْجِهَادِ) ; أَيْ: تَفْضِيلِهِ وَتَفْصِيلِهُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ مُطْلَقٌ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَعَنْ ثَوَابِهِ وَعَنْ كَوْنِهِ مَقْبُولًا عِنْدَ اللَّهِ وَغَيْرَ مَقْبُولٍ، وَالْجَوَابُ يُنْبِئُ أَنَّهُ سَأَلَ عَنِ الثَّالِثِ (فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ عَمْرٍو) : لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالنِّدَاءِ إِظْهَارُ خُصُوصِيَّتِهِ، وَالْحَثُّ عَلَى إِقْبَالِهِ بِكُلِّيَّتِهِ (إِنْ قَاتَلْتَ صَابِرًا مُحْتَسِبًا) ; أَيْ: خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُمَا حَالَانِ مُتَرَادِفَانِ، أَوْ مُتَدَاخِلَانِ (بَعَثَكَ اللَّهُ تَعَالَى صَابِرًا مُحْتَسِبًا) ; أَيْ: مُتَّصِفًا بِهَذَيْنَ الْوَصْفَيْنِ، لِمَا رُوِي: كَمَا تَعِيشُونَ تَمُوتُونَ وَكَمَا تَمُوتُونَ تُحْشَرُونَ. قَالَ الطِّيبِيُّ: أَعَادَهُ فِي الْجَزَاءِ لِيُؤْذِنَ بِالتَّنْكِيرِ فِيهِمَا عَلَى أَنَّ لَهُ أَجْرًا وَثَوَابًا لَا يُقَادِرُ قَدْرَهُ ; أَيْ: بَعَثَكَ اللَّهُ صَابِرًا كَامِلًا فِيهِ، فَيُوَفَّى أَجْرًا بِغَيْرِ حِسَابٍ وَمُحْتَسِبًا ; أَيْ: مُخْلِصًا مُتَنَاهِيًا فِي إِخْلَاصِهِ رَاضِيًا وَمَرْضِيًّا وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ، (وَإِنْ قَاتَلْتَ مُرَائِيًا) ; أَيْ: فِي نِيَّةِ الْأَعْمَالِ (مُكْثِرًا) : أَيْ: فِي تَحْصِيلِ الْمَالِ (بَعَثَكَ اللَّهُ مُرَائِيًا مُكْثِرًا) : قَالَ الطِّيبِيُّ: التَّكَاثُرُ التَّبَارِي فِي الْكَرَّةِ وَالتَّبَاهِي بِهَا، وَقَدْ يَكُونُ هَذَا فِي الْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ. قَالَ تَعَالَى: {وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ} [الحديد: ٢٠] فَالرَّجُلُ يُجَاهِدُ لِلْغَنِيمَةِ وَإِكْثَارِ الْمَالِ لِيُبَاهِيَ بِهِ، وَلِأَنْ يَكْثُرَ رِجَالُهُ وَأَعْوَانُهُ وَأَجْنَادُهُ وَلِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ وَإِظْهَارِ دِينِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ قَوْلُهُ: مُكَاثِرًا ; أَيْ: مُفَاخِرًا، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَعَدَدًا ; أَيْ: غَزَوْتَ لِيُقَالَ: إِنَّكَ أَكْثَرُ جَيْشًا وَأَشْجَعُ ; أَيْ: يُنَادَى عَلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ هَذَا غَزَا فَخْرًا وَرِيَاءً لَا مُحْتَسِبًا بِأَعْمَالِهِ (يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو) ; أَيْ: كُنْ حَاضِرًا يَقِظًا مُتَأَمِّلًا مُتَفَكِّرًا (عَلَى أَيِّ حَالٍ قَاتَلْتَ، أَوْ قُتِلْتَ، بَعَثَكَ اللَّهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ) : وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَعْمَالِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute