رِوَايَةٍ: « (أَعْطُوا الْمَسَاجِدَ حَقَّهَا) . قَالُوا: وَمَا حَقُّهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: (أَنْ تُصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسُوا» ) . وَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْعَوَامِّ مِنَ الْجُلُوسِ أَوَّلًا ثُمَّ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ ثَانِيًا بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ، ثُمَّ الظَّاهِرُ مِنَ الْحَدِيثِ اخْتِصَاصُ نَدْبِهَا بِمُرِيدِ الْجُلُوسِ، وَيُحْتَمَلُ التَّقْيِيدُ بِالْجُلُوسِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَمَنْ دَخَلَهُ وَقْتَ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ أَوْ وَهُوَ مُحْدِثٌ قَالَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ. زَادَ بَعْضُهُمْ: وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّ ذَلِكَ يَعْدِلُ رَكْعَتَيْنِ فِي الْفَضْلِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا صَحَّ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ - الْإِمَامِ الْكَبِيرِ التَّابِعِيِّ - أَنَّهُ قَالَ: إِذَا دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ تُصَلِّ فَاذْكُرِ اللَّهَ، فَكَأَنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَأَرَادَ الطَّوَافَ فَلْيَبْدَأْ بِهِ وَإِلَّا فَلْيُصَلِّ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ خِلَافَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ: تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ طَوَافُهُ، ثُمَّ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهَا تَفُوتُ بِالْجُلُوسِ، لَكِنْ رَوَى ابْنُ حِبَّانَ «عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَصَحَّحَهُ قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ وَحْدَهُ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: (يَا أَبَا ذَرٍّ لِلْمَسْجِدِ تَحِيَّةٌ وَإِنَّ تَحِيَّتَهُ رَكْعَتَانِ، فَقُمْ فَارْكَعْهُمَا» ) . قَالَ: فَقُمْتُ فَرَكَعْتُهَمَا، وَبِهِ أُخِذَ أَنَّ الزَّائِرَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ النَّبَوِيَّ يُصَلِّي أَوَّلًا، ثُمَّ يَزُورُهُ تَقْدِيمًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَتَعْظِيمِهِ عَلَى حَقِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَكْرِيمِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute