للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

جَعَلَنِي فِي ظِلِّهِ أَيْ فِي عِزِّهِ وَمَنَعَتِهِ، قِيلَ: فِي ظِلِّهِ تَأْكِيدٌ وَتَقْرِيرٌ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: يُظِلُّهُمْ لَا يَحْتَمِلُ ظِلَّ غَيْرِهِ يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَحْرُسُهُمْ مِنْ كُرَبِ الْآخِرَةِ وَيَكْنِفُهُمْ فِي رَحْمَتِهِ. (إِمَامٌ عَادِلٌ) : مَنْ يَلِي أُمُورَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ ; لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا فِي ظِلِّهِ فِي الدُّنْيَا، فَجُوزِيَ بِنَظِيرِهِ فِي الْآخِرَةِ جَزَاءً وِفَاقًا وَقَدَّمَهُ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ السَّبْعَةِ فَإِنَّهُمْ دَاخِلُونَ تَحْتَ ظِلِّهِ، (وَشَابٌّ نَشَأَ) أَيْ: نَمَا وَتَرَبَّى (فِي عِبَادَةِ اللَّهِ) أَيْ: لَا فِي مَعْصِيَتِهِ، فَجُوزِيَ بِظِلِّ الْعَرْشِ لِدَوَامِ حِرَاسَةِ نَفْسِهِ عَنْ مُخَالَفَةِ رَبِّهِ (وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ) وَفِي نُسْخَةٍ: فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ قَوْلُهُ: مُعَلَّقٌ فِي الْمَسْجِدِ هَكَذَا هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنَ التَّعْلِيقِ كَأَنَّهُ شَبَّهَهُ بِمِثْلِ الْقِنْدِيلِ إِشَارَةً إِلَى طُولِ الْمُلَازَمَةِ بِقَلْبِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْعَلَاقَةِ وَهِيَ شِدَّةُ الْحُبِّ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ أَحْمَدَ: مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ، فَجُوزِيَ لِدَوَامِ مَحَبَّةِ رَبِّهِ وَمُلَازَمَتِهِ بَيْتَهُ بِظِلِّ عَرْشِهِ. (إِذَا خَرَجَ مِنْهُ) أَيْ: مِنَ الْمَسْجِدِ (حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ) : لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ فِي الْمَسْجِدِ كَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ، وَالْمُنَافِقَ فِي الْمَسْجِدِ كَالطَّيْرِ فِي الْقَفَصِ (وَرَجُلَانِ) : مَثَلًا (تَحَابَّا فِي اللَّهِ) أَيْ: لِلَّهِ أَوْ فِي مَرْضَاتِهِ (اجْتَمَعَا عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْحُبِّ فِي اللَّهِ إِنِ اجْتَمَعَا (" وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ) أَيْ: إِنْ تَفَرَّقَا يَعْنِي يَحْفَظَانِ الْحُبَّ فِي الْحُضُورِ وَالْغَيْبَةِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: تَفَرَّقَا عَلَيْهِ مِنْ مَجْلِسِهِمَا، وَقِيلَ: التَّفَرُّقُ بِالْمَوْتِ. وَقَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: قَوْلُهُ اجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: اجْتَمَعَا عَلَيْهِ، فَكَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَ يَحْرُسُ صَاحِبَهُ عَنْ مُخَالَفَةِ رَبِّهِ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ فَجُوزِيَا بِذَلِكَ (وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا) أَيْ: مِنَ النَّاسِ، أَوْ مِنَ الرِّيَاءِ، أَوْ مِمَّا سِوَى اللَّهِ (فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ) أَيْ: سَالَتْ وَجَرَتْ دُمُوعُ عَيْنَيْهِ. وَفِي الْإِسْنَادِ مُبَالَغَةٌ لَا تَخْفَى، فَجَازَاهُ اللَّهُ عَلَى الْمَلَأِ الْأَعْلَى، (وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ) : أَيْ: إِلَى الزِّنَا بِهَا (ذَاتُ حَسَبٍ) قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: الْحَسَبُ مَا يَعُدُّهُ الْإِنْسَانُ مِنْ مَفَاخِرِ آبَائِهِ، وَقِيلَ: الْخِصَالُ الْحَمِيدَةُ لَهُ وَلِآبَائِهِ (وَجَمَالٍ) أَيْ: فِي غَايَةِ كَمَالٍ (فَقَالَ) بِلِسَانِهِ أَوْ قَلْبِهِ (إِنِّي) بِسُكُونِ الْيَاءِ وَفَتْحِهَا (أَخَافُ اللَّهَ) أَيْ: مُخَالَفَتَهُ أَوْ عُقُوبَتَهُ أَوْ سُخْطَهُ، وَمَنْ خَافَ سَلِمَ (وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا) قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى التَّطَوُّعِ ; لِأَنَّ إِعْلَانَ الزِّيَادَةِ أَفْضَلُ (حَتَّى لَا تَعْلَمَ) : بِفَتْحِ الْمِيمِ وَقِيلَ بِضَمِّهَا (شِمَالُهُ) قِيلَ: فِيهِ حَذْفٌ أَيْ: لَا يَعْلَمُ مَنْ بِشَمَالِهِ، وَقِيلَ يُرَادُ الْمُبَالَغَةُ فِي إِخْفَائِهَا وَأَنَّ شِمَالَهُ لَوْ تَعْلَمُ لَمَا عَلِمَتْهَا، وَلَمَّا بَالَغَ فِي إِخْفَاءِ عَمَلِهِ لِلَّهِ جَازَاهُ اللَّهُ بِإِظْهَارِ فَضْلِهُ (مَا تُنْفِقُ) : وَجُوِّزَ فِي الْفِعْلَيْنِ التَّذْكِيرُ (يَمِينُهُ) : وَوَقَعَ فِي مُسْلِمٍ: لَا تَعْلَمُ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ، وَهُوَ مَقْلُوبُ سَهْوٍ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ قَالَهُ الْعَسْقَلَانِيُّ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَالنَّسَائِيُّ، ذَكَرَهُ مِيرَكُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>