. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَكَالْأَبَوَيْنِ مَعَ زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ فِي الْمِيرَاثِ، قِيلَ: ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ لِلْأُمِّ، وَقِيلَ: ثُلُثُ مَا بَقِيَ بَعْدَ نَصِيبِ الزَّوْجِ أَوِ الزَّوْجَةِ لِلْأُمِّ، فَالْقَوْلُ بِالْفَرْقِ - وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِلْأُمِّ ثُلُثُ الْمَالِ كُلِّهِ فِي إِحْدَى الصُّورَتَيْنِ وَثُلْثُ الْبَاقِي فِي الصُّورَةِ الْأُخْرَى - قَوْلٌ ثَالِثٌ.
ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالصَّحِيحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، التَّفْصِيلُ، أَيْ إِنْ كَانَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ يَرْفَعُ مَا اتَّفَقَ الْقَوْلَانِ عَلَيْهِ، فَهُوَ مَمْنُوعٌ، كَوَطْءِ الْبِكْرِ، فَإِنَّ الْقَوْلَ الثَّالِثَ - وَهُوَ الرَّدُّ مَجَّانًا - يَرْفَعُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى امْتِنَاعِ الرَّدِّ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ.
وَكَالْجَدِّ مَعَ الْأَخِ، فَإِنَّ الْقَوْلَ الثَّالِثَ - وَهُوَ حِرْمَانُ الْجَدِّ - يَرْفَعُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ ; فَإِنَّهُمَا قَدِ اتَّفَقَا عَلَى عَدَمِ حِرْمَانِ الْجَدِّ.
وَكَالطَّهَارَاتِ، فَإِنَّ الْقَوْلَ الثَّالِثَ - وَهُوَ نَفْيُ التَّعْمِيمِ - يَرْفَعُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ ; فَإِنَّهُمَا قَدِ اتَّفَقَا عَلَى اشْتِرَاطِهِمَا فِي الْبَعْضِ.
وَإِلَّا، أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْقَوْلُ الثَّالِثُ رَافِعًا لِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، فَهُوَ جَائِزٌ، كَفَسْخِ النِّكَاحِ، فَإِنَّ الْقَوْلَ الثَّالِثَ - وَهُوَ الْفَسْخُ بِبَعْضِ الْعُيُوبِ دُونَ بَعْضٍ - لَمْ يَكُنْ رَافِعًا لِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُوَافِقًا لِكُلٍّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ فِي صُورَةٍ.
وَكَالْأُمِّ، فَإِنَّ الْقَوْلَ الثَّالِثَ - وَهُوَ أَنَّ لِلْأُمِّ ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ فِي إِحْدَى الصُّورَتَيْنِ، وَثُلُثَ الْبَاقِي فِي الصُّورَةِ الْأُخْرَى يُوَافِقُ فِي كُلٍّ مِنَ الصُّورَتَيْنِ مَذْهَبًا.
ش - احْتَجَّ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي هُوَ الصَّحِيحُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ - وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ الرَّافِعُ لِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ - مُخَالَفَةُ الْإِجْمَاعِ، فَيَكُونُ مَمْنُوعًا ; لِأَنَّ خَرْقَ الْإِجْمَاعِ غَيْرُ جَائِزٍ بِالِاتِّفَاقِ.
بِخِلَافِ الثَّانِي - وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ الَّذِي لَمْ يَرْفَعُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ - فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُخَالَفَةَ الْإِجْمَاعِ، فَلَا يَكُونُ مَمْنُوعًا عَنْهُ. فَإِنَّ الْقَوْلَ بِالْفَسْخِ فِي بَعْضِ الْعُيُوبِ الْخَمْسَةِ دُونَ الْبَعْضِ، لَا يَكُونُ رَافِعًا لِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، فَلَا يَكُونُ مُمْتَنِعًا. كَمَا لَوْ قِيلَ مَثَلًا: لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِذِمِّيٍّ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ، وَقِيلَ: يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِذِمِّيٍّ، وَيَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ.
فَإِنَّ الْقَوْلَ الثَّالِثَ - وَهُوَ أَنْ يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِذِمِّيٍّ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ، أَوْ عَكْسُهُ، أَيْ لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِذِمِّيٍّ وَيَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ - لَمْ يُمْنَعْ بِالِاتِّفَاقِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، بَلْ يَكُونُ مُوَافِقًا لِكُلٍّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ دُونَ أُخْرَى.
ش - الْأَكْثَرُ - وَهُمُ الْمَانِعُونَ مُطْلَقًا - قَالُوا: الْقَوْلُ الثَّالِثُ، فَصَلٌ بَيْنَ الْعُيُوبِ الْخَمْسَةِ مَثَلًا، وَلَمْ يَفْصِلْ وَاحِدٌ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ بِالْفَصْلِ مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الْفَرِيقَيْنِ لَمْ يَقُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالْفَصْلِ، وَعَدَمُ الْقَوْلِ بِالْفَصْلِ لَيْسَ قَوْلًا بِنَفْيِ الْفَصْلِ. لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَدَمُ الْقَوْلِ بِالْفَصْلِ قَوْلًا بِنَفْيِ الْفَصْلِ، امْتَنَعَ الْقَوْلُ بِحُكْمٍ فِي وَاقِعَةٍ مُتَجَدِّدَةٍ لَمْ يَكُنْ فِيهَا قَوْلٌ لِمَنْ سَبَقَ، لِأَنَّ عَدَمَ الْقَوْلِ [لَيْسَ قَوْلًا بِالْعَدَمِ] فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ بِالْفَصْلِ مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ.
وَيَتَحَقَّقُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ عَدَمَ الْقَوْلِ بِالْفَصْلِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْفَصْلِ، بِمَسْأَلَتَيِ الذِّمِّيِّ وَالْغَائِبِ، حَيْثُ جُوِّزَ فِيهِمَا الْفَصْلُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَاحِدٌ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ بِالْفَصْلِ. فَلَوْ كَانَ عَدَمُ الْقَوْلِ بِالْفَصْلِ مُسْتَلْزِمًا لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ الْفَصْلِ، لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى جَوَازِ التَّفْصِيلِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.
ش - الْمَانِعُونَ مِنْ إِحْدَاثِ الْقَوْلِ [الثَّالِثِ] مُطْلَقًا قَالُوا أَيْضًا: الْقَوْلُ بِالْفَصْلِ يَسْتَلْزِمُ تخطئةَ كُلٍّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ ; لِأَنَّ الْقَوْلَ الثَّالِثَ