للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

أَنْ يَكُونَ الْمَعْدُومُ مَقْدُورًا. وَإِذَا كَانَتِ الْقُدْرَةُ مَعَ صُدُورِ الْفِعْلِ يَكُونُ الْفِعْلُ قَبْلَ صُدُورِهِ مُمْتَنِعًا ; ضَرُورَةَ عَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ. وَالتَّكْلِيفُ بِالْفِعْلِ لَا يَكُونُ حَالَةَ صُدُورِ الْفِعْلِ لِاسْتِحَالَةِ التَّكْلِيفِ بِإِيجَادِ الْمَوْجُودِ، فَيَكُونُ التَّكْلِيفُ بِالْفِعْلِ قَبْلَ صُدُورِهِ مِنَ الْمُكَلَّفِ، وَيَكُونُ قَبْلَ صُدُورِهِ مِنَ الْمُكَلَّفِ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ، فَيَكُونُ التَّكْلِيفُ بِهِ [تَكْلِيفًا] بِالْمُسْتَحِيلِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: " {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: ٩٦] ".

وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ مَخْلُوقَةً لِلْعَبْدِ لَكَانَ الْعَبْدُ خَالِقَهَا، إِمَّا بِالطَّبْعِ، وَهُوَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ، أَوْ بِالِاخْتِيَارِ فَيَكُونُ عَالِمًا بِتَفَاصِيلِ الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ الصَّادِرَةِ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مُرِيدًا لِتَفَاصِيلِ مَا صَدَرَ عَنْهُ مِنَ الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ صُدُورُ الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ بِالِاخْتِيَارِ. وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مُرِيدًا لَهَا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِتَفَاصِيلِهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَلَا تَكُونُ مَخْلُوقَةً لَهُ، فَتَكُونُ مَخْلُوقَةً لِلَّهِ تَعَالَى. فَيَكُونُ [تَكْلِيفُ] الْعَبْدِ بِهَا تَكْلِيفًا بِمَا لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ ; لِامْتِنَاعِ وُقُوعِ مَا وَقَعَ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِقُدْرَةِ الْغَيْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>