للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

بَيَانُ انْتِفَاءِ التَّالِي مِنْ وُجُوهٍ: مِنْهَا أَنَّ الْعَاصِيَ بِتَرْكِ الْفِعْلِ مَأْمُورٌ بِالْإِتْيَانِ بِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا بِتَرْكِهِ. وَالْإِتْيَانُ بِهِ مُحَالٌ ; لِأَنَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ عَدَمَ وُقُوعِهِ. وَكُلُّ مَا عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى عَدَمَ وُقُوعِهِ، يَمْتَنِعُ وُقُوعُهُ، وَإِلَّا لَزِمَ جَهْلُهُ، تَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.

فَيَكُونُ مَا يَتْرُكُهُ الْعَاصِي مُمْتَنِعَ الْوُقُوعِ، وَهُوَ مُكَلَّفٌ بِهِ. فَيَكُونُ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ وَاقِعًا.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يُؤْمِنُ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: ٦] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [يس: ٧] فَوُقُوعُ الْإِيمَانِ مِنْهُمْ مُحَالٌ وَلَا يَلْزَمُ كَذِبُ خَبَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مُحَالٌ. وَالْكَافِرُ مُكَلَّفٌ بِالْإِيمَانِ فَيَكُونُ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ وَاقِعًا.

وَمِنْهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَلَّفَ مَنْ عَلِمَ بِمَوْتِهِ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنَ الْفِعْلِ. وَكَذَلِكَ كَلَّفَ مَنْ نَسَخَ عَنْهُ الْفِعْلَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ. وَذَلِكَ بِعَيْنِهِ تَكْلِيفٌ بِالْمُحَالِ، فَيَكُونُ وَاقِعًا.

وَمِنْهَا: أَنَّ الْمُكَلَّفَ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْفِعْلِ إِلَّا حَالَ صُدُورِ الْفِعْلِ مِنْهُ ; إِذْ لَوْ وُجِدَتِ الْقُدْرَةُ قَبْلَ الْفِعْلِ لَكَانَ لَهَا مُتَعَلِّقٌ مَوْجُودٌ ; لِاسْتِحَالَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>