للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وغزُو البَحْرِ أَفضلُ - وتُكَفِّرُ الشَّهادةُ جَميعَ الذُّنوبِ سِوَى الدَّين.

(وغزوُ البحرِ أفضلُ) من غزوِ البرِّ؛ لحديثِ ابنِ ماجه (١) مرفوعًا: "شهيدُ البحرِ مثلُ شهيدَي (٢) البرِّ، والمائِدُ (٣) في البَحرِ كالمتشحِّطِ في دَمِه في البرِّ (٤)، وما بينَ الموجتَيْنِ كقاطعِ الدنيا في طاعةِ اللهِ. وإنَّ اللهَ قدْ وكَّلَ ملكَ الموتِ بقبض الأرواح إلا شهيدَ البحرِ، فإنَّه يتولَّى قبضَ أرواحِهم، ويَغفرُ لشهيدِ البرِّ الذنوبَ كلَّها إلَّا الدَّينَ، ويَغفرُ لشهيدِ البحرِ الذنوبَ والدَّينَ". ولأنَّ البحرَ أعظمُ خطرًا ومشقَّةً

(وتكفِّرُ الشهادةُ جميعَ الذنوبِ سِوَى الدَّيْنِ) أي: غيرَ الدَّينِ. قال الآجريُّ: هذا فيمَنْ تهاونَ بقضائِه، أمَّا مَنْ استدان دينًا وأنفقَه في غيرِ سرَفٍ ولا تبذيرٍ، ثمَّ لمْ يمكنْهُ قضاؤُه، فإنَّ اللهَ يقضيه عنه، ماتَ أو قُتِلَ.

وقال الشَّيخُ تقيُّ الدينِ: وغيرَ مظالمِ العبادِ، كقتلٍ وظلمٍ، وزكاةٍ وحجِّ أخَّرَهُما.

وقال: من اعتقدَ أنَّ الحجَّ يُسقِطُ ما وجبَ عليه من الصَّلاةِ والزكاةِ، فإنَّه يُستتابُ، فإنْ تابَ وإلا قُتِلَ. ولا يسقُطُ حقُّ الآدميِّ من دمٍ أو مالٍ أو عرضٍ بالحجِّ. إجماعًا (٥).

وتكفِّرُ طهارةٌ، وصلاةٌ، ورمضانُ، وعرفةُ، وعاشوراءُ، الصَّغائرَ فقطْ. ونقلَ المرُّوذيُّ: برُّ الوالدينَ كفَّارةٌ للكبائرِ. وفي "الصحيحين" (٦) أو "الصحيح":


(١) أخرجه ابن ماجه (٢٧٧٨) من حديث أبي أمامة. قال الألباني: ضعيف جدًا.
(٢) في الأصل: "شهيد".
(٣) المائد: هو الذي يُدَارُ بِرأسِهِ من رِيحِ البَحْرِ واضْطِرَابِ السَّفِينَةِ بالأمْواج. "النهاية" (٤/ ٨٢٨.
(٤) سقطت: "والمائد في البحر كالمتشحط في دمه في البر" من الأصل.
(٥) "الفروع" (١٠/ ٢٣٣).
(٦) أخرجه البخاري (١٧٧٣)، ومسلم (١٣٤٩) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>