وقال ابن قدامة: لا نعلم خلافًا في أن العبد لا يرث، إلا ما روي عن ابن مسعود في رجل مات ترك أبًا مملوكًا، يشترى من ماله ثم يعتق، ثم يرث، وقاله الحسن. وحكي عن طاوس أن العبد يرث يكون ما ورثه لسيده ككسبه. قال: وممن روى ما عنه أن العبد لا يرث ولا يورث ولا يحجب: عليّ، زيد، وبه قال الثوري، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي. ا. هـ. منه.
وقال البغوي في شرح السنة: الأسباب التي تمنع الميراث أربعة: اختلاف الدين، والرق، والقتل عمى الموت. فالرقيق لا يرث أحدًا ولا يرثه أحد لأنه لا ملك له: ولا فرق بين القن وغيره. وقوله: ولا يورث إلا المكاتب: قد تقدم الكلام عليه في الكتابة. والحمد لله.
(٣) وقوله: ولا قاتل عمدًا عدوانًا، قال القرطبي في تفسيره: ولا خلاف بين العلماء أنه لا يرث قاتل العمد من الدية ولا من المال، إلا فرقة شذت عن الجمهور كلهم أهل بدع.
وأخرج مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن رجلًا من بني مدلج يقال له قتادة حذف منه بالسيف فأصاب ساقه، فنزى في جرحه فمات، فقدم سراقة بن جعشم على عمر بن الخطاب فذكر ذلك، فقال عمر بن الخطاب: اعدُد لي على ماء قديد عشرين ومائة بعير حتى أقدم عليك، فلما قدم عليه عمر، أخذ من تلك الإِبل ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة، ثم قال: أين أخو المقتول؟ فقال: ها أنا ذا، فقال: خذها فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَىْءٌ".
وروى حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ".
قال البغوي إسناده ضعيف، والعمل عليه عند عامة أهل العلم. وهذا الحديث أخرجه الترمذي في فرائض، وابن ماجه كذلك.
(٤) وقوله: كمخطئ من الدية، قال القرطبي: ويرث قاتل الخطإ من المال، ولا يرث من الدية في قول مالك والأوزاعي، وأبي ثور، والشافعي؛ لأنه لا يتهم على أنه قتله ليرثه ويأخذ ماله. وقال سفيان الثوري، وأبو حنيفة وأصحابه، والشافعي في قول آخر عنه: لا يرث القاتل عمدًا وخطأً شيئًا من المال ولا من الدية. وهذا قول شريح، وطاوس، والشعبي والنخعي؛ ورواه الشعبي عن عمر، وعلي، وزيد قالوا: لا يرث القاتل عمدًا ولا خطأً شيئًا. وقال في كلامه على آية المواريث: وقول مالك أصح. وبه قال إسحاق، وأبو ثور، وهو قول سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد، والزهري، =