وقال مالك وأبو ثور: للإِمام أن يحكم عليه بحكم المحارب لأنه محارب لله ورسوله، ساع في الأرض بالفساد فيدخل في عموم الآية. ا. هـ. منه.
قال القرطبي: وهو الصحيح، يعني قول مالك، فإن الله تعالى وقَّت على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام القطع بالسرقة بربع دينار، ولم يوقّت في الحرابة شيئًا، بل ذكر جزاء المحارب، فاقتضى ذلك توفية الجزاء لهم على الحرابة عن حبة. قال: وكيف يصح قياس المحارب على السارق وهو يطلب خطف المال، فإن شعر به فرَّ؟ وحتى أن السارق إذا دخل بالسلاح يطلب المال، فإن منع منه وصيح عليه وحارب عليه فهو محارب يحكم عليه بحكم المحارب. قال ابن العربي: كنت أيام حكمي بين الناس إذا جاءَني أحد بسارق، وقد دخل الدار بسكين يحبسه على قلب صاحب الدار وهو نائم، وأصحابه يأخذون مال الرجل، حكمت فيهم بحكم المحاربين. فافهموا هذا من أصل الدين وارتفعوا إلى يفاع العلم عن حضيض الجاهلين. ا. هـ. منه.
(٤) وقوله: وبالقتل يجب قتله ولو بكافر، أو بإعانة، ولو جاء تائبًا وليس للولي العفو، نقل المواق عن ابن عرفة: حد المحارب بأحد الأربعة ما لم يقتل، فإن قتل تعين قتله، ولم يختلف فيه قول مالك، وفي المدونة قتل عثمان مسلمًا قتل ذميًا حرابة. وقال في المدونة: إن كانوا جماعة قتلوا رجلًا ولّي أحدهم قتله والباقون عون له، قتلوا كلهم، وإن تابوا قبل أن يؤخذوا، دفعوا إلى أولياء الدم فقتلوا من شاءوا وعفوْا عمن شاؤوا أو أخذوا الدية ممن شاؤوا.
وقال ابن قدامة: إذا قتل وأخذ المال فإنه يقتل ويصلب في ظاهر المذهب، وقتله متحتم لا يدخله عفو، أجمع على هذا كل أهل العلم، قال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من نحفظ عنه، وروى ذلك عن عمر، وبه قال سليمان بن موسى، والزهري، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، قالوا: لأنه حد من حدود الله تعالى، فلم يسقط بالعفو كسائر الحدود. قال: وهل يعتبر التكافؤ بين القاتل والمقتول في الحرابة؟ فيه روايتان.
قال القرطبي: ولا خلاف في أن الحرابة يقتل فيها من قتل وإن لم يكن المقتول مكافئًا للقاتل، وللشافعي فيها قولان: أحدهما أنها تعتبر المكافاة لأنه قتل فاعتبر فيه المكافأة كالقصاص، قال: وهذا ضعيف لأن القتل هنا ليس على مجرد القتل وإنما هو على الفساد العام؛ من التخويف وسلب المال، =