في الاجتهاد والفتوى، ودعا إلى مذهبه. وقرأ كثيرا منه على أهله فوجده صوابا وأولى من غيره، وأشد موافقة فيه وفي طريقه.
الحالة الثانية: أن يكون مجتهدا في مذهب إمامه، مستقلا بتقديره بالدليل.
لكن لا يتعدى أصوله وقواعده، مع إتقانه للفقه وأصوله، وأدلة مسائله- أي: مسائل الفقه- عالما بالقياس ونحوه. تام الرياضة. قادرا على التخريج والاستنباط، وإلحاق " الفروع " بالأصول، والقواعد التي لإمامه.
وهذا شأن أهل الأوجه والطرق في المذاهب.
وهو حال أكثر علماء الطوائف الآن.
فمن علم يقينا هذا، فقد قلد إمامه دونه؛ لأنه مقر له على إضافة ما يقول إلى إمامه؛ لعدم استقلاله بتصحيح نسبته إلى الشارع بلا واسطة إمامه. والظاهر: أنه لا بد من معرفة ما يتعلق بذلك من حديث، ولغة، ونحو.
فالمجتهد في مذهب أحمد مثلا إذا أحاط بقواعد مذهبه، وتدرب في مقاييسه وتصرفاته: ينزل- من إلحاق منصوصاته وقواعد مذهبه- منزلة المجتهد المستقل في إلحاقه ما لم ينص عليه الشارع بما نص عليه.
وهذا أقدر على ذا من ذاك. فإنه يجد في مذهب إمامه قواعد ممهدة، وضوابط مهذبة، ما لم يجده المستقل في أصول الشارع ونصوصه.
والحاصل: أن المجتهد في مذهب إمامه: هو الذي يتمكن من التفريع على أقراله، كما يتمكن المجتهد المطلق من التفريع على كل ما انعقد عليه الإجماع، ودل عليه الكتاب والسنة والاستنباط.
وليس على المجتهد: أن يفتي في كل مسألة. بل يجب عليه أن يكون على بصيرة فيما يفتي به (١) .
الحالة الثالثة: أن لا يبلغ باجتهاده رتبة أئمة المذهب أصحاب الوجوه والطرق. غير أنه فقيه النفس، حافظ لمذهب إمامه، عارف بأدلته، قائم