للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بتقديره ونصرته، يصور ويحرر، ويمهد ويقرر، ويزيف ويرجح. لكنه قصر عن درجة أولئك: إما لكونه لم يبلغ- في حفظ المذهب- مبلغهم. وإما لكونه غيرمتبحر في أصول الفقه ونحوه. على أنه لا يخلو مثله- في ضمن ما يحفظه من الفقه ويعرفه من أدلته- عن أطراف من قواعد اصول الفقه ونحوه.

وإما لكونه مقصرا في غير ذلك من المعلوم التي هي أدوات الاجتهاد الحاصل (١) لأصحاب الوجوه والطرق.

وهذه صفة كثير من المتأخرين الذي رتبوا المذاهب، وحرورها، وصنفوا

فيها تصانيف، بها يشتغل الناس.

وأما فتاويهم فكانوا يستنبطون فيها استنباط أولئك أو نحوه ويقيسون على المنقول

نحو قياس المرأة على الرجل في رجوع البائع إلى عين ماله عند تعذر الثمن.

الحالة الرابعة: أن يقوم بحفظ المذهب، ونقله وفهمه.

فهذا يعتمد نقله وفتواه به فيما يحكيه من مسطورات مذهب: من منصوصات

إمامه أو تفريعات أصحابه المجتهدين في مذهبه، وتخريجاتهم.

وأما ما لا يجده منقولا في مذهبه: فإن وجد في المنقول ما هذا في معناه،

بحيب يدرك من غير فضل فكر وتأمل (٢) أنه لا فارق بينهما كما في الأمة بالنسبة إلى العبد المنصوص عليه في إعتاق الشريك: جاز له إلحاقه به والفتوى به. وكذلك (٣) ما يعلم اندراجه تحت ضابط، ومنقول ممهد في المذهب.

وما لم يكن كذلك: فعليه الإمساك عن الفتيا به.

ثم إن هذا الفقيه: لا يكون إلا فقيه النفس، لأن تصور المسائل على وجهها، ونقل أحكامها: لا يقوم به إلا فقيه النفس. ويكفيه استحضار أكثر المذهب، مع قدرته على استحضار بقيته قريبا.


(١) في أ: والحاصل.
(٢) في أ: وتأمله.
(٣) في أ: كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>