للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمسك عن الثدي ليتنفسى ويستريح، فإذا فعل ذلك فهي رضعة؛ وذلك لأن

الأولى رضعة لو لم يعد فكانت رضعة وإن عاد كما لو قطع باختياره.

(وسعوط في أنف ووجور في فم؛ كرضاع) على الأصح؛ لما روى ابن

مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا رضاع إلا ما أنشز العظم وأنبت اللحم " (١) . رواه أبو داود.

ولأن هذا يصل إليه اللبن كما يصل بالارتضاع ويحصل به إنبات اللحم،

وإنشاز العظم كما يحصل بالرضاع فيجب أن يساويه في التحريم. والأنف سبيل لفطر الصائم فكان سبيلا للتحريم؛ كالرضاع بالفم.

(ويحرم ما جبن) يعني: أنه لو جبن لبن المرأة ثم أطعم الطفل ثبت به التحريم؛

لأنه واصل من الحلق ويحصل به إنبات اللحم وإنشاز العظم. فحصل

به التحريم؛ كما لو شربه.

(أو شيب وصفاته باقية) يعني: أن ما حلب من المرأة من لبن وخلط بغيره

وصفاته باقية حرم كما يحرم غير المشوب؛ لأن الحكم للأغلب.

ولأنه مع بقاء صفاته لا يزول به اسمه ولا المعنى المراد به. وهذا على

الأصح. فأما إن غلبه ما خلط به لم يثبت به تحريم؛ لأنه لا (٢) يحصل به إنبات

اللحم ولا إنشاز العظم.

(أو حلب من ميتة) يعني: ان لبن الميتة يحرم كما يحرم لبن الحية على

الأصح؛ لأنه وجد لبن ينبت اللحم وينشز العظم من آدمية. فأثبت شربه

التحريم؛ كحال حياتها.

ولأنه لا فرق بين شربه في حياتها وبعد موتها، وبين حلبه في حياتها وبعد

موتها، إلا الحياه والموت. وهذا لا أثر له فإن اللبن لا يموت.

(ويحنث به) أي: بشرب لبن مشوب وصفاته باقية، وبشرب لبن من ميتة

(من حلف: لا يشرب لبنا)؛ لإطلاق اسم اللبن عليه.


(١) أخرجه أبو داود في " سننه " (٢٠٥٩) ٢: ٢٢٢ كتاب النكاح، باب في رضاعة الكبير.
(٢) في ج: لما.

<<  <  ج: ص:  >  >>