للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و" لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزنى العقيق " (١) .

وهو يعلم أنه بين عمارة المدينة.

ولأنه موات لم يتعلق به مصلحة العامر. فجاز إحياؤه؛ كالبعيد.

وعنه: لا يجوز إحياؤه؛ لأنه في مظنة تعلق المصلحة به.

و (لا) تملك ولا تقطع (معادن منفردة) أما الظاهرة وهي التي يتوصل إلى

ما فيها من غير مؤنة ينتابها الناس وينتفعون بها؛ كمقاطع الطين والملح والكحل فلا خلاف؛ لأن فيه ضرراً بالمسلمين وتضييقا عليهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع أبيض ابن حمال معدن الملح فلما قيل له: أو بمنزلة الماء العد رده. كذا قال أحمد. وروى أبو عبيد. وأبو داود والترمذي بإسنادهم عن أبيض بن حمال: " أو استقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم الملح الذي بمأرب فلما ولى قيل: يا رسول الله! اتدري ما أقطعت له؛ أنما أقطعته الماء العد. فرجعه منه، قال قلت: يا رسول الله! ما يحمى من الأراك؛ قال: ما لم تنله أخفاف الإبل " (٢) . وهو حديث غريب. ولأن هذا يتعلق به مصالح المسلمين العامة. فلم يجز إحياؤه ولا إقطاعه؛ كمشارع الماء وطرقات المسلمين.

قال ابن عقيل: هذا من مداد الله الكريم، وفيض جوده العميم الذي لا غنى عنه. فلو ملكه أحد بالاحتجار ملك منعه فضاق على المسلمين. وأن أخذ العوض عنه أغلاه فخرج عن العوض الذي وضعه الله به من تعميم ذوي الحوائج من غيركلفة.

قال في " المغني ": وهذا كله مذهب الشافعي ولا أعلم فيه مخالفا. انتهى.


(١) أخرجه أبو عبيد في " الأموال " (٦٧٩) ص: ٥٣ ٢ كتاب أحكام الأرضين، باب الإقطاع.
(٢) أخرجه أبو داود في " سننه " (٣٠٦٤) ٣: ١٧٤ كتاب الخراج والإماره والفيء، باب في إقطاع الأرضين.
وأخرجه الترمذي في " جامعه " (١٣٨٠) ٣: ٦٦٤ كتاب الأحكام، باب ما جاء في القطائع.
وأخرجه أبو عبيد في " الأموال " (٦٨٥ - ٦٨٦) ص: ٢٥٥ كتاب أحكام الأرضين، باب الإقطاع.
والماء العد هو الدائم الذي لا ينقطع.

<<  <  ج: ص:  >  >>