ثم يقول الله عز وجل بعد ذلك:{وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ}[الأحزاب:٣٤]، معنى (اذكرن) أي: تذكرن، فتذكري أيتها الأخت المسلمة وأنت تعيشين في بيت مسلم، في عصبة زوج مسلم، أو في كفالة أب مسلم، أو في حفظ وصيانة أخ مسلم، وفي مجتمع مسلم - تذكري هذه النعمة، واعتبريها من أكبر نعم الله عز وجل عليك، وانظري يميناً وشمالاً إلى النساء الساقطات الكافرات نساء جهنم؛ فاشكري نعمة الله عز وجل.
كما أن هذه الآية أيضاً تطالب المرأة بتبليغ دعوة الإسلام؛ لأن معنى (اذكرن) أي: بلغن أيضاً، فإن المرأة المسلمة كالرجل المسلم؛ بل ربما تكون أحوج إلى أن تتحمل هذه المسئولية في أيامنا الحاضرة من الرجل، في وقت وجهت مخططات رهيبة إلى النساء وإلى الفتيات المسلمات، هذا الموقف يتطلب من الأخت المسلمة، ومن الشابة المؤمنة، ومن الزوجة الصالحة، ومن الأم التقية أن تؤدي هذه الأمانة، أي: أمانة التبليغ، وأمانة الدعوة إلى الله عز وجل؛ حتى تنتشل هذه النساء المسكينات، اللواتي ربما نجحت فيهن مخططات أعداء الإسلام.
إن تبليغ دعوة الإسلام، وإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن محاربة المخططات الرهيبة التي يقوم بها أعداء الإسلام في أيامنا الحاضرة مسئولية الجميع، الذكر والأنثى على حد سواء، وهي مسئولية المرأة أيضاً في الدرجة الأولى؛ فإن النساء تتأثر بالنساء، وإن المرأة تسمع من المرأة، وتختلط بها، وتدرك أخطاءها وعثراتها، ولذلك فإنا ندعو الأخت المسلمة لاسيما في عصر الصحوة الإسلامية المباركة والحمد لله، لاسيما في عصر صار نصيب المرأة من الصحوة الإسلامية، ومن الاتجاه إلى دين الله عز وجل أكثر بكثير والحمد لله من نصيب الشباب، وصدقوني أيها الإخوة! من خلال أسئلة تأتي عن طريق الهاتف تتكرر في الساعة عشرات المرات من أخوات يسألن عن أمور الورع، وعن قيام الليل، وعن صوم النوافل، وعن الأمور التي ربما ما كان الناس يفكرون بها في يوم من الأيام، مما يدل دلالة واضحة على أن هذه الصحوة -ولله الحمد- لدى فتياتنا وأخواتنا أكثر بكثير مما هو لدى شبابنا الذي اتجه إلى ربه والحمد لله في هذه الأيام.
وهذه الفرصة تتطلب عملاً جاداً من الرجل والمرأة، ومن المرأة بصفة خاصة إلى النشاط في الدعوة إلى الله عز وجل، إلى توزيع الشريط الإسلامي، والكتاب الإسلامي، والكلمة الطيبة، والموعظة الحسنة، والتخويف بالله عز وجل، والتذكير به، وبيان مخططات الأعداء، وبيان ما يحيكه أعداء الإسلام ضد هذا الدين بصفة عامة، وضد المرأة بصفة خاصة.
إن قوله تعالى:{وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ}[الأحزاب:٣٤]، أمر للمرأة بصفة خاصة أن تبلغ دعوة الإسلام، وأن تغتنم الفرصة، وألا تفوتها داخل المدرسة وداخل السوق حينما ترى امرأة متبرجة، وداخل المنزل، وفي كل حال من حالاتها، لا تغفل عن هذا الأمر؛ فإنها مسئولية عظيمة، عجزت عنها السموات والأرض والجبال وأشفقن منها، وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً، نقول للأخت المسلمة: افهمي معنى قول الله عز وجل: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ}[الأحزاب:٣٤].