هناك نوع آخر من البشر وهم الذين يقول الله عز وجل فيهم:{أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ}[النور:٣٩]، يؤدون الطاعات لكن بغير هدف الإيمان، يتصدق أحدهم فيقول: هذه عاطفة، ويساعد الفقير فيقول: هذه إنسانية، وهكذا ويسمون هذه الأشياء بأسماء جذابة، لكن قلوبهم خراب من الإيمان؛ فلذلك أصبحت أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ، ولكن الله عز وجل لا يظلم مثقال ذرة، فهذه الأعمال -بالرغم من أنها فاسدة- ما دامت تنفع الناس فلها وزن عند الله عز وجل، لكن وزنها في الدنيا لا في الآخرة؛ ولذلك فإن صاحبها لا يغادر الدنيا حتى يأخذ جزاءه كاملاً، ويقدم على الله عز وجل بدون حسنات، ولذلك يقول الله تعالى:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا}[هود:١٥] أي: بعمل الآخرة، {نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا}[هود:١٥]، أي: في الحياة الدنيا، {وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ}[هود:١٥]، أي: في الحياة الدنيا {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ}[هود:١٦]؛ لأن العمل غير صحيح؛ فهو غير مقبول، مادمت تنفق بدافع إنسانية، وتنفق بدافع رياء وسمعة؛ وليثني عليك الناس، ولذلك فإن أول من تسعر بهم النار ثلاثة: رجل شجاع استشهد في سبيل الله، ورجل عالم بذل العلم، ورجل صاحب مال كان ينفق في كل طرق الخير، لكن لما فسدت النية، وفسد القصد؛ صاروا أول من تسعر بهم النار يوم القيامة.