[ضرورة الارتباط بالله سبحانه]
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي الأمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه المتقين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا أيها الناس! إن العجب كل العجب أن تثقل النفس المؤمنة حتى لا تطلب رفعةً، أو تقنط حتى لا يكون لها أملٌُ، أما لو أيقن المسلمون أن لهذا الكون مدبراً عظيم القدرة، وأنه القاهر فوق عباده، تخضع كل قوةٍ لعظمته، وتدين كل سطوة لجبروته، وأن هذا القادر العظيم بيده مقاليد كل شيء يصرف عباده كيف يشاء لما أمكن مع ذلك أن يتحكم فيهم اليأس، أو تغتال آمالهم غائلة القنوط، فما على المسلمين إلا أن يتحقق بينهم روح الإخاء والتضامن في الدين، فيأخذ القوي بيد الضعيف، ويشد المقتدر من أجل العاجز، وترفع راية التوحيد المحضة، ويطرح التفاهم بإخلاص في الأمور مع الاعتماد على الله واللجوء إليه، مع بذل الأسباب المادية ومحض النصح للقيادة ابتغاء وجه الله، فدين الله وشرعه وإن ضعف فيه شخص المتقين المجاهدين فهو باقٍ خالد، وضعت فيه صفات المتقين، وخطط المجاهدين، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
كما أن الواجب على المسلمين عامة أن يبحثوا في كل مظنة ضعف عن سبب قوةٍ، ولو أخلصوا في تلمس ذلك وطلبه لانقلب الضعف إلى قوة؛ لأن الضعف قد ينطوي على قوةٍِ مستورة يؤيدها الله بعنايته ورعايته، فإذا هي تهد الجبال وتحير الألباب: {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً} [الفتح:٧] .
سمع معاوية رضي الله عنه أن رجلاً من خصمائه شرب عسلاً فيه سمٌ فمات فقال رضي الله عنه: إن لله جنوداً منها العسل.
كما أنه ينبغي علينا جميعاً أن نعترف بأخطائنا في الواقع والتي يتكاثر عدها ويستحيل حصرها والتي تخل بنظام السببية في النصر والتمكين، وأن يكون هذا الطرح بصورة صريحة في واقعنا عبر كافة الوسائل المتاحة دون اقتراف خياناتٍ قاتلة من ذوي الأقلام المؤثرة والألسن المستميلة، في حق دينهم وأمتهم بتجاهل تلك القضايا المهمة، والتي بتجاهلها وغض الطرف عنها يؤخر يوم النصر ولا يقدم، فتقود إلى الغرق في بحر لجي من الخداع والتضليل، ولا عاصم من أمر الله إلا من رحم.
فهل يرتفع شعار الإسلام وترفرف رايته في تحليل القضايا الإسلامية؛ أم تبقى تحت الرايات العلمانية لنبلغ بها القاع والعياذ بالله: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج:٤٠-٤١] .
هذا وصلوا -رحمكم الله- على من أمركم الله بالصلاة عليه فقد قال عز من قائل عليماً: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] .
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد، وارض اللهم عن خلفائه الأربعة: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة أجمعين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين، اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم انصر إخواننا المجاهدين الذين يجاهدون في سبيلك في كل مكان، اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم سدد آراءهم وثبت أقدامهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم طهر بيتك المقدس من هؤلاء الأرجاس، اللهم خالف بين كلمتهم واجعلهم غنيمة للإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام!
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا في من خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين!
اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حي يا قيوم!
اللهم أصلح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام!
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم ما سألناك من خير فأعطنا، وما لم نسألك فابتدئنا وما قصرت عنه آمالنا وأعمالنا من الخيرات فبلغنا.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.