اسمعن لهذا الموقف، وأطلب منكن أن تتخَيَّلْنَهُ، زوجة معها زوجها وابنتها الصغيرة التي تبلغ من العمر خمس سنوات تقول: كنا معاً في أطيب حال، وأهنأ بال، كنا زوجين سعيدين متعاونين على طاعة الله، تقول: عندنا القناعة والرضا، طفلتنا مصباح الدار، ضحكاتها تفتق الأزهار، إنها ريحانة تهتز، فإذا جن علينا الليل ونامت الصغيرة، قمت معه نسبح الله، يؤمني ويرتل القرآن ترتيلاً، وتصلي معنا الدموع في سكينة وخشوع، كأني أسمعها وهي تفيض قائلة: أنا إيمان فلان وفلانة، وذات يوم أردنا أن تكثر الفلوس التي معنا، اقترحت على زوجي أن نشتري أسهماً ربوية، لتكثر منها الأموال وندخرها للعيال، ووضعنا فيها كل ما نملك، حتى حلي الشبكة، ثم انخفضت أسهم السوق وأحسسنا بالهلكة، فشربنا من الهموم كأساً، وكثرت علينا الديون والتبعات، فعلمنا أن الله يمحق الربا ويربي الصدقات، وفي ليلة حزينة خلت فيها الخزينة، تشاجرت مع زوجي، فطلبت منه الطلاق، فصاح: أنتِ طالق، أنتِ طالق، تقول: فبكيت، وبكت الصغيرة، وعبر الدموع الجارية، تذكرت جيداً يوم أن جمعتنا الطاعة وفرقتنا المعصية:{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}[إبراهيم:٧].
ما أحلاها -يا أمة الله- أن تقومي الليل مع زوجك! ما أجملها -يا أمة الله- أن يضج البيت فجراً بالأصوات! هذا يقوم، وهذا يسبح، وهذا يبكي، وهذا يسجد، وهذا يركع!
ما أجملها -يا أمة الله- أن تجتمعي مع الزوج على قراءة القرآن! وعلى ذكر الله جلَّ وعلا، ما أجملها يا أمة الله!
انظرن إلى النساء في هذه الأزمنة، تقول لزوجها: انظر إلى فلان كيف أثث بيته، انظر إلى فلان ماذا اشترى لزوجته، انظر إلى فلان أين يسافر مع زوجته، يذهب بها إلى بلدة كذا، ودولة كذا، يسافرون كل سنة مرتين، لم لا تذهب بي إلى هذا المكان؟ إلى المسارح، إلى السينمات، إلى الملاهي، ماذا تريدين يا أمة الله؟! {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً}[النساء:٧٧].
تريدين الدنيا يا أمة الله! أم تريدين أن تجلسي مع زوجك على البساط، وعلى فراش واحد، تتقاسمين معه اللقمة، ثم تحفظينه في غيبته، ثم يأتيك وقد جاء بلقمة العيش، تجلسين معه لا ينظر إلى غيرك، ولا يعرف سواك، وأنت لا تعرفين إلا ذكر الله وطاعته، تجلسين معه على ذكر الله، وتنامين معه على طاعة الله، وتستيقظين معه على ذكر الله، يا أمة الله! اختاري لنفسك ما تشائين.