[قصة امرأة مراقبة لله جل وعلا في غياب زوجها]
امرأة سافر زوجها للجهاد، وغاب عنها شهوراً طويلة، انتظرته فلم تتحمل -المرأة فيها شهوة وفيها رغبة للرجال- وانتظرت أياماً وشهوراً وطال عليها المقام، يتجول عمر في الليل ويتفقد الرعية، فإذا به يقترب من بيتها وكانت بيوتهم صغيرة، فسمع هذه المرأة تحدث نفسها لوحدها، فتقول شعراً -واسمعن إلى هذا الشعر-:
تطاول هذا الليل واسوَّد جانبه وأرقني ألا حبيب ألاعبه
فوالله لولا الله رباً أراقبه لحرك من هذا السرير جوانبه
{سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} [الرعد:١٠].
الجهر بالقول والإسرار به في علم الله سواء، يا أمة الله! لا تظنين إذا خرج زوجك أنه لا يراقبك أحد، الإمام أحمد كان يحدث الناس يوماً فإذا به يغلق الكتاب ويدخل الغرفة، انتظروه ما خرج، أطال المقام، فاقترب أحد التلاميذ عند الباب فسمع الإمام أحمد يبكي، ويقول في نفسه شعراً:
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن عليّ رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أنما تُخفي عليه يغيب
أمة الله: لا تظنين أن الزوج إذا غاب، فإن الله يغيب عنك: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة:٧].
أمة الله: لا تظنين أنك إذا ذهبت إلى المطاعم، والحدائق، ودخلت عند الخياط يفصل الجسد، وينظر إليك وأنتِ تختلين به، أن الله لا يراكِ: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق:١٤].
إن من أعظم الإيمان أن المرأة تراقب الله عزَّ وجلَّ في السر والعلن، يقول عليه الصلاة والسلام: (يأتي أقوام من أمتي يوم القيامة، لهم أعمال كـ جبال تهامة بيضاً، يجعلها الله هباء منثوراً، قال ثوبان: صفهم لنا يا رسول الله! جلِّهم لنا، قال: هم قوم يصلون كما تصلون، ويقومون كما تقومون، لكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها).
إذا غاب الزوج، إذا غاب الأب، إذا غاب الأخ، ترفع الهاتف وتتكلم، مع من يا أمة الله؟! تظنين أن الله لا يسمع؟! تظنين أن الله عزَّ وجلَّ لا يرى؟! تظنين أنك لوحدك مع هذا الرجل تكلمينه؟! أو تنظرين إلى الأفلام والمسلسلات.
يا أمة الله! المراقبة المراقبة!