أن يتخذ معتقداً من الحلق ويدعوه ويرجوه عند الشدائد ويتوكل عليه عند أي شدة كانت يعتقد فيه لذلك نائياً كان معتقده أو قول أو ومن يزعم أنه ذو تنسك وعلم، قال ان معناه وسيلة وهي جائزة مطلوبة وهذا منها. فهم أمروا بذلك وجوزوا الشرك. ومن نهى عنه وتبرأ منه وعاداه وأهله خرجوه وبدعوه وقاتلوه زيادة على جنس المنكر الشامل لأنواعه في بلد الله الحرام الذي قال الله فيه:{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} وغيره مما اكتسبوه وأقروه ففرق حينئذ بين الباطل والحق، فلم يرض من نفسه إلا اتباع الحق قولاً وعملاً واعتقاداً. ودحض ضده كذلك، لا سيما ان انضاف إلى ذلك تأمل أحوال هؤلاء المشركين وما هم عليه من عدم الرضا إلا باعتقادهم في معتقداتهم. وتأمل معنى قوله تعالى:{وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} فإن هؤلاء المعتقدين إذا قيل لهم توبوا وارجعوا إلى الله وادعوه واستعينوا به وحده واستغفروه نظروا إلى القائل بعين العداوة نظر المغشي عليه من الموت اشمئزازاً لقوله وكراهة، وزعموا أنه قد سب الأولياء وأنكر كراماتهم، فإن لم يذكر لهم شيئاً من ذلك ولم ينكر عليهم بل أثنى عليهم وعلى عقيدتهم وان ما اعتقدوه في معتقدهم حق ولعله عدو لله ظاهر الفسق استبشروا وسروا واتخذوه صديقاً لهم.
والإيمان باليوم الآخر لا يعصم إلا بوجود التوحيد الذي أرسل الله به الرسل وأنزل به الكتب لتكليفه على العبيد، وقد صحح الله به عقائد كثيرة حتى من أعدائه ولله الحمد، فهم مع شدة العداوة له لعهدهم الأول إما تقليداً وجهلاً أو تكبراً أو تجبراً عن الحق الذي قال ودعا إليه قد اكتسبوا منه وأخذوا عنه ولكن يسبونه ودينه وما أمر به عناداً وبغياً وحسداً كما حل بالأسلاف الذين مضوا قبله، وذلك كله دليل على فضله وعلمه، وأنه قد ميز بين الخطأ والصواب، وما زاد، وفرق القشر عن اللباب لتفرقته بين ما أمر الله به العباد وأرسل به الرسل وأنزل به الكتب ومعناه وكيفيته، وبين ما نهاهم عنه وعلق على وجوده عدم المغفرة مع أنه كتب على نفسه الرحمة وبين ما غفر أنه تحت مشيئته تعالى ومعنى كل منها. ثم انه دعا الناس إلى الحق وأسر وقال مفرقاً بين ما عليه الفرقة الناجية ووضحهم بسيماهم وميزهم عن ضدهم فبينهم بعلاماتهم. وإنما الذي