للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نجاسته كثوب نجس ... فيتوجه منه بيع نجاسة يجوز الانتفاع بها"١.

وجاء في كشاف القناع: " ... ويجوز استعماله أي الجلد المدبوغ من ميتة طاهرة في الحياة فقط في يابس بعد دبغه، لأنه عليه الصلاة والسلام وجد شاة ميتة أعطتها مولاة لميمونة٢ من الصدقة فقال عليه الصلاة والسلام: "ألا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به" ولأن الصحابة رضي الله عنهم لما فتحوا فارس انتفعوا بسروجهم وأسلحتهم وذبائحهم ميتة، ونجاسته لا تمنع الانتفاع به كالاصطياد بالكلب وركوب البغل والحمار. ومفهوم كلامه أنه لا يباح الانتفاع به قبل الدبغ مطلقاً، لمفهوم الحديث. قال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة: فأما قبل الدبغ فلا ينتفع به قولاً واحداً ولا الانتفاع به بعد الدبغ في مائع من ماء أو غيره لأنه يفضي إلى تعدي النجاسة ... كما يحرم بيع جلد الميتة النجس قبله أي قبل الدبغ، وعنه: أي عن الإمام يطهر منها أي من جلود الميتة ما كان طاهراً في الحياة من إبل وبقر وغنم وظباء ونحوها، ولو كان جلداً لحيوان غير مأكول كالهر وما دونه خلقة ... ولا يطهر جلد ما كان نجساً في حياته كالكلب بذكاة، كما لا يطهر لحمه بها، لأنه ليس محلاً للذكاة فهو ميتة ... "٣.

فالمستفاد من نصوص الحنابلة: أنه لا يجوز بيع جلد الميتة قبل الدبغ قولاً واحداً، وإن كان الخلاف فقط في حكم بيعه بعد الدبغ والصحيح في المذهب أنه لا يجوز بناء على قولهم بعدم طهارة الجلود بدبغها وأن جلود الميتة تظل نجسة حتى بعد دبغها وبالتالي فلا يجوز بيعها لعدم تحقق شرط الطهارة.

وبالنسبة لطهارة جلود الميتة، فهناك رواية عن الإمام أنه يطهر بالدبغ جلود ميتة


١ المرداوي ١/ ٨٩ – ٩٠.
٢ هي ميمونة بنت الحارث بنت حزن الهلالية آخر امرأة تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم وآخر من مات من زوجاته كان اسمها برة فسماها النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة بايعت بمكة قبل الهجرة وكانت زوجة أبي رهم بن عبد العزى العامري ومات عنها فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة سبع للهجرة وروت عنه ستة وسبعين حديثاً، توفيت رضي الله تعالى عنها في"سرف" وهو الموضع الذي كان فيه زواجها بالنبي صلى الله عليه وسلم قرب مكة ودفنت بهت توفيت ٥١هـ. راجع: الأعلام للزركلي ٧/٣٤٢ والإصابة في تمييز الصحابة للعسقلاني ٤/٤١١.
٣ البهوتي ١/٦٧ – ٦٨.

<<  <   >  >>