للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما قبل الدبغ: فقيل لا يجوز اتفاقاً كما في رواية ابن حارث١ وإن كان ابن رشد المالكي قد روى لنا خلافاً في مذهب المالكية بشأن مدى إمكان الانتفاع بالجلد قبل دبغه وبالتالي جواز بيعه ثلاثة أقوال:

الأول: لابن وهب٢ الذي قال بجواز البيع والانتفاع، وهذا القول مبني على سماعه عن ابن القاسم ٣.

الثاني: القول بمنع البيع والانتفاع، وهذا هو المروي عن ابن القاسم ورواية عن مالك.

الثالث: يجوز الانتفاع دون البيع وهذا القول روى عن ابن القاسم.

أما مذهب المدونة فهو منع البيع مطلقاً لعد ذلك من البيوع الفاسدة يعني قبل الدبغ وبعده. فقد جاء في مواهب الجليل: " ... وكذلك جلود الميتة لا يجوز بيعها وإن دبغت، وقيل يجوز، وقال في التوضيح القولان مبنيان على الطهارة ومقابل المشهور لابن وهب في جواز البيع بعد الدبغ انتهى. ونقل ابن عرفة هذين القولين بعد الدبغ، أما قبله فنقل في ذلك طريقتين الأولى لابن حارث لا يجوز اتفاقاً، والثانية لابن رشد في جواز البيع والانتفاع ثلاثة أقوال:


١ هو محمد بن الحارث بن أسد أبو عبد الله الخشني القيرواني ثم الأندلسي، فقيه مؤرخ من الفقهاء الحفاظ، تفقه بالقيروان على أحمد بن نصر وأحمد بن زياد وغيرهم، انتقل إلى قرطبة وتفقه عليه قوم من أهله، كان حافظاً للفقه مقدماً فيه نبيهاً ذكياً عالماً بالفتيا، وولي الشورى بقرطبة. من تصانيفه الاتفاق والاختلاف في مذهب مالك، والفتيا، والرواة عن مالك، توفي رحمه الله نحو ٣٦٦?. راجع: الأعلام للزركلي ٦/٧٥.
٢ هو عبد الله بن وهب بن مسلم أبو محمد الفهري بالولاء المصري من تلاميذ الإمام مالك والليث بن سعد جمع بين الفقه والحديث والعبادة كان حافظاً مجتهداً عرض عليه القضاء فامتنع ولزم منْزله، توفي رحمه الله بمصر سنة ١٩٧?. راجع: الأعلام للزركلي ٤/١٤٤.
٣ هو عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن القاسم شيخ حافظ حجة فقيه صحب الإمام مالكاً وتفقه به وبنظرائه لم يرو أحد الموطأ عن مالك أثبت منه وروى عن مالك المدونة خرج عنه البخاري في صحيحه وأخذ عنه أسد بن الفرات توفى رحمه الله بالقاهرة سنة ١٩١ ?. راجع: الأعلام للزركلي ٤/٩٧، والديباج المذهب لابن فرحون ١/٤٦٥.

<<  <   >  >>