للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه، وهذا هو الركن الأعظم عندهم في عقد البيع وقد نص المذهب على أن الجلد غير المدبوغ لا يجوز بيعه، لوجود الرطوبات السيالة فيه، وبهذا فإنه يأخذ نفس حكم الميتة من حيث الحرمة ومنع بيعه شرعاً، وأن جلد الخنْزير لا ينعقد بيعه حتى ولو دبغ، وذلك لنجاسة عينه، وأن أصل المذهب طهارة الجلود بالدباغ، وجواز بيعها، بمراعاة تحفظهم بالنسبة لجلد الخنْزير خاصة.

فقد جاء في بدائع الصنائع: " ... وأما جلد السبع والحمار والبغل، فإن كان مدبوغاً أو مذبوحاً يجوز بيعه لأنه مباح الانتفاع به شرعاً، فكان مالاً، وإن لم يكن مدبوغاً ولا مذبوحاً، لا ينعقد بيعه، لأنه إذا لم يدبغ ولم يذبح بقيت رطوبات الميتة فيه، فكان حكمه حكم الميتة، ولا ينعقد بيع جلد الخنْزير كيف ما كان لأنه نجس العين بجميع أجزائه، وقيل إن جلده لا يحتمل الدباغ ... ولأن حرمة الميتة ليست لموتها فإن الموت موجود في السمك والجراد وهما حلالان قال عليه الصلاة والسلام "أحل لنا ميتتان ودمان" ١ بل لما فيها من الرطوبات السيالة والدماء النجسة لانجمادها بالموت ولهذا يطهر الجلد بالدباغ حتى يجوز بيعه لزوال الرطوبة عنه"٢.

وجاء في الهداية: " ... قال ولا بيع جلود الميتة قبل أن تدبغ، لأنه غير منتفع به، قال عليه الصلاة والسلام "لا تنتفعوا من الميتة بإهاب" وهو اسم لغير المدبوغ، ... ولا بأس ببيعها والانتفاع بها بعد الدباغ، لأنها قد طهرت بالدباغ"٣.

مذهب المالكية: اختلف فقهاء المالكية في حكم بيع جلود الميتة، فقد نقل في المشهور عندهم أنه لا يجوز بيع جلود الميتة والانتفاع بها حتى ولو دبغت. وقيل يجوز بيعها بعد الدبغ لا قبله، والقولان مبنيان على قولهم بشأن الطهارة لهذه الجلود خاصة بعد دبغها.


١ الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند ٢/٩٧، وابن ماجه في السنن برقم ٣٣١٤، والدارقطني ٤/٢٧١، والبيهقي في السنن ١/٢٥٤، ٩/٢٥٧، ١٠/٧
٢ الكاساني ٥/١٤٢.
٣ شيخ الإسلام برهان الدين المرغيناني ٦/٤٢٦ – ٤٢٧.

<<  <   >  >>