للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحديث عبد الله بن عكيم عن كتابة، والسماع أقوى من الكتابة ١.

وبالنسبة لاستدلال أصحاب هذا المذهب بالآية من سورة المائدة، فإنه يرد عليه بأن هذه الآية خصصتها الأحاديث الواردة في هذا الشأن، التي تثبت طهارة جلد الميتة بالدباغ.

ويرى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أنه يطهر بالدباغ جلد ما كان طاهراً في الحياة كالهر، لأن حديث "أيما إهاب دبغ فقد طهر" يتناول الحيوان المأكول وغيره، فيخرج منه ما كان نجساً، لكون الدبغ إنما يؤثر في رفع نجاسة حادثة بالموت، فيبقى ما عداه على العموم، وروي عن الأمام أحمد أيضاً أنه يطهر بالدباغ مأكول اللحم ٢.

والذي يترجح لدي في هذا الخلاف: هو القول بطهارة جلد الميتة إذا دبغ، سواء كان الحيوان مأكول اللحم أم لا، باستثناء جلد الكلب والخنْزير، لأن نجاستهما عينيه لا يؤثر الدباغ فيها.

ثانياً: حكم بيع جلد الميتة بعد أن ترجح لدينا القول بطهارة جلد الميتة بعد دبغه، فإنه يلزمنا البحث عن حكم بيع هذه الجلود وإجراء جميع التصرفات عليها من الاستعمال والاقتناء ونحو ذلك، عملاً بأصل الخلاف في مسألة طهارة جلد الميتة، فضلاً عن أصل الميتة ذاتها. فبحث حكم بيع جلد الميتة هنا متفرع على الحديث عن الميتة ذاتها من هذه الزاوية فضلاً عن أن الخلاف حاصل بين الفقهاء بشأن مدى طهارة جلد الميتة من عدمه، سواء كان قبل الدبغ أو بعده، وهذا كله استلزم أن نقوم بالحديث عن حكم بيع جلد الميتة.

وهذا ما قاله الفقهاء في هذا الشأن:

مذهب الحنفية: أن جلد الميتة المدبوغ يجوز بيعه والانتفاع به، حتى ولو كان لغير مأكول اللحم، طالما أنه قد دبغ، وذلك لإباحة الانتفاع به شرعاً، ولتحقق جانب المالية


١ المغني مع الشرح الكبير لابن قدامة ١/٥٨، والإنصاف للمرداوي ١/٨٦.
٢ راجع: المرجعين السابقين: الموضع نفسه.

<<  <   >  >>