للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الماء ظهرت تلك الأجزاء فيه، وليس هو بمحرم إذ ليس هو مسفوحاً"١.

وجاء في بدائع الصنائع: " ... والدم الذي يبقى في العروق واللحم بعد الذبح طاهر، لأنه ليس بمسفوح، ولهذا حل تناوله مع اللحم، وروي عن أبي يوسف أنه معفو عنه في الأكل غير معفو في الثياب، لتعذر الاحتراز عنه في الأكل وإمكانه في الثوب"٢.

فالمستفاد من نصوص الحنفية: أنه لا بأس من تناول اللحم العالق به بعض الدم في العروق، وذلك لأنه دم غير مسفوح وليس بمحرم فهو دم طاهر، ولهذا حل تناوله مع اللحم. وإن كان لأبي يوسف رأي في هذه الجزئية وهو أنه دم معفو عنه في الأكل خاصة، لتعذر الاحتراز عنه دون غيره، كما في الثياب مثلاً لإمكان الاحتراز عنه.

فأصل مذهب الحنفية طهارة الدم العالق باللحم أو بالعروق، لأنه غير مسفوح، وإن كان المستفاد من رأي أبي يوسف أنه ليس كذلك، ولكنه معفو عنه في الأكل لعدم الاحتراز عنه، فأبو يوسف يرى أنه نجس غير معفو عنه.

مذهب المالكية: ذهب المالكية إلى القول بجواز تناول الدم الباقي على اللحم والعروق، وأنه لا بأس من شموله بالبيع مع اللحم والعروق، لأنه لا يمكن التحرز عنه؛ فأساس التجاوز عن الدم العالق بالعروق هو عدم إمكان تحرز الناس عنه، وتحقيقاً لرفع الحرج عنهم.

فقد جاء في أحكام القرآن: " ... قال الإمام الحافظ٣: الصحيح أن الدم إذا كان مفرداً حرم منه كل شيء، وإن خالط اللحم جاز، لأنه لا يمكن الاحتراز منه، وإنما حرم الدم بالقصد إليه"٤.

وجاء في حاشية الدسوقي: " ... ودم لم يسفح وهو الذي لم يجر بعد موجب خروجه بذكاة شرعية، وهو الباقي في العروق، وكذا ما يوجد في قلب الشاة بعد


١ الجصاص ١/١٥٠.
٢ الكاساني ١/٩٢.
٣ هو أبو بكر المعروف بابن العربي وقد سبق التعريف به صفحة ١٢٠.
٤ ابن العربي ٢/٢٩١.

<<  <   >  >>