إن أبحاث المستشرقين الفرنسيين الماديين أمثال مكسيم رودنسون (١) مرفوضة؛ لأنها مبنية على أساس ومنهج مرفوضين لا يمكن تطبيقهما على مجال علمي كمجال السيرة النبوية تمتد أصولها بعالم الغيب وترتبط أسبابها بالسماء ويكون فيها "الوحي الإلهي" همزة وصل مباشرة بين الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. إن الدين والغيب والروح تعد ثلاثتها عصب السيرة النبوية ولحمتها وليس بمقدور أي من الحس أو العقل أو المنهج المادي أن يحيط بجذورها وأسبابها ومعطياتها.
ولتقديم نماذج من الفهم المادي لوقائع السيرة النبوية من طرف المستشرقين الفرنسيين نقتصر على بعض ما جاء في كتاب "محمد" صلى الله عليه وسلم للمستشرق الفرنسي مكسيم رودنسون الماركسي النزعة الذي يفتخر بتوظيفه للمنهج المادي في دراسة الإسلام.
يقول رودنسون في حوار أجري معه: "إن الكثير من كتب المستشرقين حول حياة محمد قد قَوَّمَت شخصية الرسول بشكل إيجابي، وفيها الكثير من التمجيد له، ولكنها بالطبع ليست بكتب دينية لأنها كتبت من قبل مستشرقين غربيين، وفي كتابي حول حياة محمد يوجد الشيء نفسه، فإنني معجب بعظمة هذا الرجل وعبقريته، لكنني عندما أدرسه أدرس حياته وفق منظور تحليلي مادي أعتبره المنظور الصائب الذي يمكن فهم حياة الرسول عليه الصلاة والسلام ودوره التاريخي الهام أو إنسانية الرسالة التي أتى بها، لكن هذا المنظور