[الاهتمام بالسيرة النبوية في دراسات المستشرقين الفرنسيين المعتدلين]
يرتبط هذا المبحث في منطلقه من مسألة ذات طابع منهجي تخص تعاملنا –نحن الباحثين المسلمين- مع معطيات الفكر الاستشراقي، فالبعض قد يرى أن اعتماد عدد من الشهادات "الإيجابية" إلى حد ما لهذا المستشرق أو ذاك، عن جانب ما من جوانب الإسلام يعني تزكية له وإقرارا بإنصافه وموضوعيته، وهذا غير صحيح، فالمستشرق كيفما كان لا بد أن تتضمن أبحاثه ودراساته شبهات وطعونا في حق الإسلام ورسالته، بيد أن الأمر يتفاوت بين هذه الفئة وتلك، والمستشرقون أصناف ودرجات، ونحن هنا إنما نقصد بالمستشرقين الفرنسيين المعتدلين أولئك الذين لم تطغ طعونهم وافتراءاتهم على شهاداتهم الإيجابية، والذين يحس القارئ من خلال قراءته في كتبهم كأنهم حريصون –إلى حد ما- على عدم التطرف والمغالاة في تحريف الوقائع والتشكيك في المعطيات الصحيحة وإنكار المسلمات والبدهيات التي تفرضها قوة الحجة والبرهان.
إن الاعتدال وابتغاء الموضوعية ميزتان تميزان هذه الأعمال، وهي على قلتها تعبر عن مواقف إيجابية تجاه سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يجدر التنبيه إليها والإشادة بها. يقول الدكتور عماد الدين خليل:"إن علينا أن نلاحظ كيف أن عددا من الشهادت الإيجابية بحق الإسلام، أو جانب من جوانبه، من قبل هذا المستشرق أو ذاك يقابله في الوقت نفسه ركام من شهادات أخرى سلبية تقف موقفا مضادا من الإسلام، لكن هذا لا يمنع من اعتبار الشهادات الأولى بمنزلة اعتراف"حُر" بهذه القيمة أو تلك من قيم الإسلام والتي تدفع الغربيين