اختلف العلماء في (لا) في هذه الآية: فقال البصريّون والكسائيّ وعامّة المفسرين: زائدة، وأنّ معناه: أقسم. وأنكر الفرّاء هذا، وقال: لا تكون (لا) زائدة في أوّل الكلام، وقال: "إنَّ (لا) هُنا ردّ لكلامٍ من المشركين متقدِّم؛ كأنّهم أنكروا البعث فقيل لهم: لا، ليس الأمر كما تقولون؛ ثم قال: {أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَة} ". معاني القرآن ٣/٢٠٧. وقيل: إنّها زيدَت توطئة لنفي الجواب؛ والتّقدير: لا، أقسم بيوم القيامة لا يُتركون سُدىً. ورُدّ بقوله تعالى: {لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد: ١] ؛ فإنّ جوابه مثبت وهو: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: ٤] ؛ ومثله: {َلاَ أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: ٧٥] . وقيل: هي نافية، ومنفيّها (أُقْسِمُ) ؛ وذلك على أن يكون إخبارًا لا إنشاءً؛ واختاره الزّمخشريّ، قال: "والمعنى في ذلك: أنّه لا يقسم بالشّيء إلاّ إعظامًا له بذلك، عليه قولُه تعالى: {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} ؛ فكأنّه بإدخال حرف النّفي يقول: إنّ إعظامي له بإقسامي به كلا إعظام، يعني: أنّه يستأهل فوق ذلك". الكشّاف ٤/١٦٣. تُنظر هذه المسألة في: مجاز القرآن ٢/٢٧٧، ومعاني القرآن وإعرابه للزّجّاج ٢٥١، والأزهيّة ١٥٣- ١٥٧، وأمالي ابن الشّجريّ ٢/١٤١- ١٤٤، والمغني ٣٢٨، ٣٢٩. ٢ في ب: لا زيدٌ، وهو سهو. ٣ في ب: هُنا.