عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْعَالَمِ الْمَشْهُودِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ قَالَ: " {كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ} " وَقَدْ رُوِيَ: " مَعَهُ " وَرُوِيَ: " غَيْرُهُ " وَالْأَلْفَاظُ الثَّلَاثَةُ فِي الْبُخَارِيِّ وَالْمَجْلِسُ كَانَ وَاحِدًا وَسُؤَالُهُمْ وَجَوَابُهُ كَانَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَعِمْرَانُ الَّذِي رَوَى الْحَدِيثَ لَمْ يَقُمْ مِنْهُ حِينَ انْقَضَى الْمَجْلِسُ؛ بَلْ قَامَ لَمَّا أُخْبِرَ بِذَهَابِ رَاحِلَتِهِ قَبْلَ فَرَاغِ الْمَجْلِسِ وَهُوَ الْمُخْبِرُ بِلَفْظِ الرَّسُولِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا قَالَ أَحَدُ الْأَلْفَاظِ وَالْآخَرَانِ رَوَيَا بِالْمَعْنَى. وَحِينَئِذٍ فَاَلَّذِي ثَبَتَ عَنْهُ لَفْظُ " الْقَبْلِ "؛ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: " {أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَك شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَك شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَك شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَك شَيْءٌ} " وَهَذَا مُوَافِقٌ وَمُفَسِّرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} . وَإِذَا ثَبَتَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَفْظُ الْقَبْلِ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ، وَاللَّفْظَانِ الْآخَرَانِ لَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَبَدًا وَكَانَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْحَدِيثِ إنَّمَا يَرْوُونَهُ بِلَفْظِ الْقَبْلِ: " {كَانَ اللَّهُ وَلَا شَيْءَ قَبْلَهُ} " مِثْلُ الحميدي والبغوي وَابْنُ الْأَثِيرِ وَغَيْرُهُمْ. وَإِذَا كَانَ إنَّمَا قَالَ: " {كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ} " لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا اللَّفْظِ تَعَرُّضٌ لِابْتِدَاءِ الْحَوَادِثِ وَلَا لِأَوَّلِ مَخْلُوقٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute