ذَلِكَ هُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ. وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَأَبِي الْخَطَّابِ وَالْقَاضِي يَعْقُوبَ البرزبيني وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَلْوَانِيِّ وأبي الْحَسَنِ بْنِ الزَّاغُونِي وَغَيْرِهِمْ لَكِنْ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُفَسِّرُ التَّفَاضُلَ بِتَفَاضُلِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُنَازِعُ فِيهِ الْنُّفَاةِ. وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ نَفْسَ الْمَحَبَّةِ وَالرِّضَا وَالْبُغْضَ وَالْإِرَادَةَ وَالْكَرَامَةَ وَالطَّلَبَ وَالِاقْتِضَاءَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي تَتَفَاضَلُ وَتَتَفَاضَلُ الْأَلْفَاظُ الدَّالَّةُ عَلَيْهَا. وَنَفْسُ حُبِّ الْعِبَادِ لِرَبِّهِمْ يَتَفَاضَلُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} . وَنَفْسُ حُبِّ اللَّهِ لَهُمْ يَتَفَاضَلُ أَيْضًا فَإِنَّ الْخَلِيلَيْنِ إبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدًا أَحَبُّ إلَيْهِ مِمَّنْ سِوَاهُمَا وَبَعْضُ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ بَعْضٍ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ هَذَا مَشْهُورٌ وَمُسْتَفِيضٌ فِي الْآثَارِ النَّبَوِيَّةِ وَكَلَامِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ كَقَوْلِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ: لَوْ عَلِمْنَا أَيَّ الْأَعْمَالِ أَحَبَّ إلَى اللَّهِ لَفَعَلْنَاهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُورَةَ الصَّفِّ وَهُوَ مَشْهُورٌ ثَابِتٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ. وَكَوْنُ هَذَا أَحَبَّ إلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا هُوَ دَاخِلٌ فِي تَفْضِيلِ بَعْضِ الْأَعْمَالِ وَبَعْضِ الْأَشْخَاصِ عَلَى بَعْضٍ. وَبَعْضِ الْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ عَلَى بَعْضٍ وَقَدْ {قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَكَّةَ: وَاَللَّهِ إنَّك لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلَى اللَّهِ. وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْك لَمَا خَرَجْت} قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute