فَضَرَرُ الْعَابِدِ لَهُ بِعِبَادَتِهِ يَحْصُلُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَإِنْ كَانَ عَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدَّ فَالْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ عَبَدُوا غَيْرَ اللَّهِ حَصَلَ لَهُمْ بِسَبَبِ شِرْكِهِمْ بِهَؤُلَاءِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا مَا جَعَلَهُ اللَّهُ عِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ} {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} فَبَيَّنَ أَنَّهُمْ لَمْ تَنْفَعْهُمْ بَلْ مَا زَادَتْهُمْ إلَّا شَرًّا. وَقَدْ قِيلَ فِي هَذَا كَمَا قِيلَ فِي الضُّرِّ. قِيلَ: مَا زَادَتْهُمْ عِبَادَتُهَا وَقِيلَ: إنَّهَا فِي الْقِيَامَةِ تَكُونُ عَوْنًا عَلَيْهِمْ فَتَزِيدُهُمْ شَرًّا وَهَذَا كَقَوْلِهِ: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا} {كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} وَالتَّتْبِيبُ: عَبَّرَ عَنْهُ الْأَكْثَرُونَ: بِأَنَّهُ التَّخْسِيرُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} وَقِيلَ: التَّثْبِيرُ وَالْإِهْلَاكُ وَقِيلَ: مَا زَادُوهُمْ إلَّا شَرًّا؛ وَقَوْلُهُ: {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} فِعْلٌ مَاضٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا كَانَ فِي الدُّنْيَا؛ وَقَدْ يُقَالُ: فَالشَّرُّ كُلُّهُ مِنْ جِهَتِهِمْ فَلِمَ قِيلَ: فَمَا زَادُوهُمْ فَيُقَالُ: بَلْ عُذِّبُوا عَلَى كُفْرِهِمْ بِاَللَّهِ وَلَوْ لَمْ يَعْبُدُوهُمْ فَلَمَّا عَبَدُوهُمْ مَعَ ذَلِكَ ازْدَادُوا بِذَلِكَ كُفْرًا وَعَذَابًا فَمَا زَادُوهُمْ إلَّا خَسَارَةً وَشَرًّا؛ مَا زَادُوهُمْ رِبْحًا وَخَيْرًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute