للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا وَعَدَهُ بِهِ رَبُّهُ مِنْ الْوَسِيلَةِ وَقَدْ قَضَى بِهَا لَهُ وَقَدْ أَمَرَ أُمَّتَهُ بِطَلَبِهَا لَهُ وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدَّرَهَا بِأَسْبَابِ مِنْهَا مَا سَيَكُونُ مِنْ الدُّعَاءِ. وَعَلَى هَذَا فَالدَّاخِلُ فِي السَّبَبِ هُوَ مَا وَقَعَ مِنْ الدُّعَاءِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ فَيُثِيبُ هَذَا الدَّاعِيَ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ الدُّعَاءِ بِجَعْلِهِ تَمَامَ السَّبَبِ وَلَا يَكُونُ عَلَى هَذَا الدُّعَاءِ سَبَبًا فِي اخْتِصَاصِهِ بِشَيْءِ مِنْ ذَلِكَ؛ بَلْ فِي حُصُولِهِ لِمَجْمُوعِ الْأُمَّةِ؛ لَكِنْ هُوَ يُثَابُ عَلَى الدُّعَاءِ لِكَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْأَسْبَابِ وَهَذَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {مَا مِنْ عَبْدٍ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةِ لَيْسَ فِيهَا إثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إحْدَى خِصَالٍ ثَلَاثٍ: إمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَ لَهُ مِنْ الْخَيْرِ مِثْلَهَا وَإِمَّا أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ مِنْ الذُّنُوبِ مِثْلَهَا وَإِمَّا أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُ مِنْ الْبَلَاءِ مِثْلَهَا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إذًا نُكْثِرُ قَالَ: اللَّهُ أَكْثَرُ} (١) فَالدَّاعِي بِهَذَا كَالدَّاعِي بِالْوَسِيلَةِ يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مَا يَخُصُّهُ كَالدَّاعِي لِلْأُمَّةِ وَلِأَخِيهِ الْغَائِبِ وَدُعَاؤُهُ مِنْ أَسْبَابِ الْخَيْرِ الَّتِي بِهَا رَحْمَةُ الْأُمَّةِ كَمَا يُثَابُ عَلَى سُؤَالِهِ الْوَسِيلَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ تَحِلَّ عَلَيْهِ الشَّفَاعَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَهُنَا " جَوَابٌ ثَالِثٌ " وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ دَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ حَصَلَ لَهُ مِنْ الْمَدْعُوِّ الْمَطْلُوبِ مَا لَا يَحْصُلُ بِدُونِ الْمَطْلُوبِ مِنْ الدُّعَاءِ فَيَكُونُ الدُّعَاءُ بِهِ كَدُعَائِهِ بِسَائِرِ مَطَالِبِهِ مِنْ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ وَلَيْسَ هُوَ كَدُعَاءِ


(١) في الأصل والمطبوعة زيادة خصلة وهي: " وإما أن يكفر عنه من الذنوب مثلها " وعليه فالخصال أربع، وهو ما يتعارض مع مقدمة الحديث " خصال ثلاث ". والصواب ما أثبتناه من أحمد وابن أبي شيبة والطبراني.