فُتِنَ بِهِ وَمَنْ صَادَفَهُ السَّمَاعُ اسْتَرَاحَ بِهِ. فَقَدْ ذَمَّ مَنْ يَجْتَمِعُ لَهُ وَرَخَّصَ فِيمَنْ يُصَادِفُهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ. وَلَا اعْتِمَادَ لِلْجُلُوسِ لَهُ. وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ مُجْمَلٌ لَيْسَ فِيهِ تَفْصِيلٌ. فَإِنَّ الْأَبْيَاتَ الْمُتَضَمِّنَةَ لِذِكْرِ الْحُبِّ وَالْوَصْلِ وَالْهَجْرِ وَالْقَطِيعَةِ وَالشَّوْقِ والتتيم وَالصَّبْرِ عَلَى الْعَذْلِ وَاللَّوْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ هُوَ قَوْلٌ مُجْمَلٌ يَشْتَرِكُ فِيهِ مُحِبُّ الرَّحْمَنِ وَمُحِبُّ الْأَوْثَانِ وَمُحِبُّ الْإِخْوَانِ وَمُحِبُّ الْأَوْطَانِ وَمُحِبُّ النِّسْوَانِ وَمُحِبُّ المردان. فَقَدْ يَكُونُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ إذَا هَيَّجَ الْقَاطِنَ وَأَثَارَ السَّاكِنَ وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. لَكِنْ فِيَة مَضَرَّةٌ رَاجِحَةٌ عَلَى مَنْفَعَتِهِ: كَمَا فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ فَإِنَّ فِيهِمَا إثْمًا كَبِيرًا وَمَنَافِعَ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا. فَلِهَذَا لَمْ تَأْتِ بِهِ الشَّرِيعَةُ لَمْ تَأْتِ إلَّا بِالْمَصْلَحَةِ الْخَالِصَةِ أَوْ الرَّاجِحَةِ وَأَمَّا مَا تَكُونُ مَفْسَدَتُهُ غَالِبَةً عَلَى مَصْلَحَتِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَأْخُذُ دِرْهَمًا بِدِينَارِ أَوْ يَسْرِقُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَيَتَصَدَّقُ مِنْهَا بِدِرْهَمَيْنِ. وَذَلِكَ أَنَّهُ يُهَيِّجُ الْوَجْدَ الْمُشْتَرَكَ فَيُثِيرُ مِنْ النَّفْسِ كَوَامِنَ تَضُرُّهُ آثَارُهَا وَيُغَذِّي النَّفْسَ وَيَفْتِنُهَا فَتَعْتَاضُ بِهِ عَنْ سَمَاعِ الْقُرْآنِ حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهَا مَحَبَّةٌ لِسَمَاعِ الْقُرْآنِ وَلَا الْتِذَاذَ بِهِ وَلَا اسْتِطَابَةَ لَهُ. بَلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute