للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِئَلَّا يَكُونَ لَهُ مُرَادٌ غَيْرُ فِعْلِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ الْعَبْدُ بَلْ فَعَلَهُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ بِلَا وَاسِطَةِ الْعَبْدِ أَوْ فَعَلَهُ بِالْعَبْدِ بِلَا هَوَى مِنْ الْعَبْدِ. فَهَذَا هُوَ الْقَدَرُ الَّذِي عَلَيْهِ أَنْ يَرْضَى بِهِ. وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّيْخِ مَا يُبَيِّنُ مُرَادَهُ وَأَنَّ الْعَبْدَ فِي كُلِّ حَالٍ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ وَيَتْرُكَ مَا نُهِيَ عَنْهُ.

وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ هُوَ أَمَرَ الْعَبْدَ بِشَيْءِ مِنْ ذَلِكَ فَمَا فَعَلَهُ الرَّبُّ كَانَ عَلَيْنَا التَّسْلِيمُ فِيمَا فَعَلَهُ وَهَذِهِ هِيَ " الْحَقِيقَةُ " فِي كَلَامِ الشَّيْخِ وَأَمْثَالِهِ. وَتَفْصِيلُ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ هَذَا " نَوْعَانِ ": (أَحَدُهُمَا) : أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مَأْمُورًا فِيمَا فَعَلَهُ الرَّبُّ. إمَّا بِحُبِّ لَهُ وَإِعَانَةٍ عَلَيْهِ. وَإِمَّا بِبُغْضِ لَهُ وَدَفْعٍ لَهُ. وَ (الثَّانِي) : أَنْ لَا يَكُونَ الْعَبْدُ مَأْمُورًا بِوَاحِدِ مِنْهُمَا. (فَالْأَوَّلُ) مِثْلُ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى الَّذِي يَفْعَلُهُ غَيْرُهُ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِحُبِّهِ وَإِعَانَتِهِ عَلَيْهِ: كَإِعَانَةِ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى الْجِهَادِ وَإِعَانَةِ سَائِرِ الْفَاعِلِينَ لِلْحَسَنَاتِ عَلَى حَسَنَاتِهِمْ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَبِمَحَبَّةِ ذَلِكَ وَالرِّضَا بِهِ وَكَذَلِكَ هُوَ مَأْمُورٌ عِنْدَ مُصِيبَةِ الْغَيْرِ: إمَّا بِنَصْرِ مَظْلُومٍ وَإِمَّا بِتَعْزِيَةِ مُصَابٍ وَإِمَّا بِإِغْنَاءِ فَقِيرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.