للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأُصُولُهُ تَمُدُّ فُرُوعَهُ وَتُثَبِّتُهَا وَفُرُوعُهُ تُكْمِلُ أُصُولَهُ وَتَحْفَظُهَا فَإِذَا وَقَعَ فِيهِ نَقْصٌ ظَاهِرٌ فَإِنَّمَا يَقَعُ ابْتِدَاءً مِنْ جِهَةِ فُرُوعِهِ وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمْ الْأَمَانَةُ وَآخِرُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمْ الصَّلَاةُ} وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: {أَوَّلُ مَا يُرْفَعُ الْحُكْمُ بِالْأَمَانَةِ} و " الْحُكْمُ " هُوَ عَمَلُ الْأُمَرَاءِ وَوُلَاةِ الْأُمُورِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} . وَأَمَّا " الصَّلَاةُ " فَهِيَ أَوَّلُ فَرْضٍ وَهِيَ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ وَالْإِيمَانِ مَقْرُونَةً بِالشَّهَادَتَيْنِ فَلَا تَذْهَبُ إلَّا فِي الْآخِرِ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ} فَأَخْبَرَ أَنَّ عَوْدَهُ كَبَدْئِهِ. فَلَمَّا ذَهَبَتْ دَوْلَةُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَصَارَ مُلْكًا ظَهَرَ النَّقْصُ فِي الْأُمَرَاءِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَظْهَرَ أَيْضًا فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ فَحَدَثَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ عَلِيٍّ بِدْعَتَا الْخَوَارِجِ وَالرَّافِضَةِ إذْ هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْإِمَامَةِ وَالْخِلَافَةِ وَتَوَابِعِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْمَالِ وَالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ. وَكَانَ مُلْكُ " مُعَاوِيَةَ " مُلْكًا وَرَحْمَةً فَلَمَّا ذَهَبَ مُعَاوِيَةُ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ - وَجَاءَتْ إمَارَةُ " يَزِيدَ " وَجَرَتْ فِيهَا فِتْنَةُ قَتْلِ الْحُسَيْنِ " بِالْعِرَاقِ وَفِتْنَةُ أَهْلِ " الْحَرَّةِ " بِالْمَدِينَةِ وَحَصَرُوا مَكَّةَ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ.