للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي الْقَاسِمِ الطبري واللالكائي وَأَبِي مُحَمَّدٍ البغوي صَاحِبِ " شَرْحِ السُّنَّةِ " وَغَيْرِهِمْ؛ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ أَصْحَابِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرِ بْنِ فورك وَغَيْرُهُ. وَ (الْقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ الْأَسْمَاءَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ تَارَةً يَكُونُ الِاسْمُ هُوَ الْمُسَمَّى كَاسْمِ الْمَوْجُودِ. وَ " تَارَةً " يَكُونُ غَيْرَ الْمُسَمَّى كَاسْمِ الْخَالِقِ. وَ " تَارَةً " لَا يَكُونُ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ كَاسْمِ الْعَلِيمِ وَالْقَدِيرِ. وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَالُوا: إنَّ الِاسْمَ هُوَ الْمُسَمَّى لَمْ يُرِيدُوا بِذَلِكَ أَنَّ اللَّفْظَ الْمُؤَلَّفَ مِنْ الْحُرُوفِ هُوَ نَفْسُ الشَّخْصِ الْمُسَمَّى بِهِ؛ فَإِنَّ هَذَا لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ. وَلِهَذَا يُقَالُ: لَوْ كَانَ الِاسْمُ هُوَ الْمُسَمَّى لَكَانَ مَنْ قَالَ " نَارٌ " احْتَرَقَ لِسَانُهُ. وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ هَذَا مُرَادُهُمْ وَيُشَنِّعُ عَلَيْهِمْ وَهَذَا غَلَطٌ عَلَيْهِمْ؛ بَلْ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: اللَّفْظُ هُوَ التَّسْمِيَةُ وَالِاسْمُ لَيْسَ هُوَ اللَّفْظُ؛ بَلْ هُوَ الْمُرَادُ بِاللَّفْظِ؛ فَإِنَّك إذَا قُلْت: يَا زَيْدُ يَا عُمَرُ فَلَيْسَ مُرَادُك دُعَاءَ اللَّفْظِ؛ بَلْ مُرَادُك دُعَاءُ الْمُسَمَّى بِاللَّفْظِ وَذَكَرْت الِاسْمَ فَصَارَ الْمُرَادُ بِالِاسْمِ هُوَ الْمُسَمَّى. وَهَذَا لَا رَيْبَ فِيهِ إذَا أَخْبَرَ عَنْ الْأَشْيَاءِ فَذُكِرَتْ أَسْمَاؤُهَا فَقِيلَ: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ هُوَ الرَّسُولُ وَهُوَ الَّذِي كَلَّمَهُ اللَّهُ. وَكَذَلِكَ إذَا قيل: جَاءَ زَيْدٌ وَأَشْهَدُ عَلَى عَمْرو وَفُلَانٌ عَدْلٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنَّمَا تُذْكَرُ الْأَسْمَاءُ وَالْمُرَادُ بِهَا الْمُسَمَّيَاتُ وَهَذَا هُوَ مَقْصُودُ الْكَلَامِ.