دُونَ حَالِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ اتَّصَفَ بِالْأَعْلَى فَهُوَ عَلَى مَا دُونَهُ أَقْدَرُ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ حَالَ الْمَلَكِ أَفْضَلُ مِنْ حَالِهِ أَنْ يَكُونَ مَلَكًا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ. وَثَالِثُهَا: مَا ذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْلَا مَا اسْتَقَرَّ فِي نُفُوسِ الْمُخَاطَبِينَ مِنْ أَنَّ الْمَلَكَ أَعْظَمُ؛ لَمَا حَسُنَ مُوَاجَهَتُهُمْ بِسَلْبِ شَيْءٍ هُوَ دُونَ مَرْتَبَتِهِ وَهَذَا الِاعْتِقَادُ الَّذِي كَانَ فِي نُفُوسِ الْمُخَاطَبِينَ: أَمْرٌ قُرِّرُوا عَلَيْهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِمْ فَثَبَتَ أَنَّهُ حَقٌّ. وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: (أَحَدُهَا: أَنَّهُ نَفَى أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْغَيْبِ وَعِنْدَهُ خَزَائِنُ اللَّهِ وَنَفَى أَنْ يَكُونَ مَلَكًا لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَلَا يَتَمَتَّعُ؛ وَإِذَا نَفَى ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ: لَمْ يَجِبْ أَنْ يَكُونَ الْمَلَكُ أَفْضَلَ مِنْهُ أَلَّا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَلَا أَنَا كَاتِبٌ وَلَا أَنَا قَارِئٌ لَمْ يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْكَاتِبَ وَالْقَارِئَ أَفْضَلُ مِمَّنْ لَيْسَ بِكَاتِبِ وَلَا قَارِئٍ فَلَمْ يَكُنْ فِي الْآيَةِ حُجَّةٌ. وَأَيْضًا مَا قَالَ الْقَاضِي إنَّهُمْ طَلَبُوا صِفَاتِ الْأُلُوهِيَّةِ وَهِيَ الْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ وَالْغِنَى: وَهِيَ: أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِكُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا عَلَى كُلِّ شَيْءٍ غَنِيًّا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ - فَسَلَبَ عَنْ نَفْسِهِ صِفَاتِ الْأُلُوهِيَّةِ وَلِهَذَا قَالُوا: {مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} وَقَالَ تَعَالَى: مُحْتَجًّا عَنْهُ: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إلَّا إنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ} فَكَأَنَّهُمْ أَرَادُوا مِنْهُ صِفَةَ الْمَلَائِكَةِ أَنْ يَكُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute