للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنْ قِيلَ: فَلَفْظُ الخرقي: وَإِذَا خَرِبَ الْوَقْفُ وَلَمْ يَرُدَّ شَيْئًا وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ مَا يَرُدُّ عَلَى أَهْلِ الْوَقْفِ. قِيلَ: هَذَا اللَّفْظُ إمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا مِمَّا كَانَ يَرُدُّهُ لِمَا كَانَ مَعْمُورًا: مِثْلَ دُورٍ وَحَوَانِيتَ خَرِبَتْ فَإِنَّهَا لَوْ تَشَعَّثَتْ رَدَّتْ بَعْضَ مَا كَانَتْ تَرُدُّهُ مَعَ كَمَالِ الْعِمَارَةِ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا خَرِبَتْ بِالْكُلِّيَّةِ فَإِنَّهَا لَا تَرُدُّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ: لَا تَرُدُّ شَيْئًا. لِتَعْطِيلِ نَفْعِهِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ. فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ هُوَ الْأَوَّلَ وَهُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي يَلِيقُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ كَلَامُهُ - فَهُوَ مُطَابِقٌ لِمَا قُلْنَاهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَيْعُ. وَلَوْ تَعَطَّلَ نَفْعُهُ مِنْ كُلِّ الْجِهَاتِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ. وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ تَعَطَّلَ عَلَى أَهْلِ الْوَقْفِ انْتِفَاعُهُمْ بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِتَعَذُّرِ إجَارَةِ الْعَرْصَةِ مَعَ إمْكَانِ انْتِفَاعِ غَيْرِهِمْ بِهَا؛ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ فِي الْعَبْدِ؛ فَإِنْ أَرَادَ هَذِهِ الصُّورَةَ كَانَ مَنْطُوقُ كَلَامِهِ مُوَافِقًا لِمَا تَقَدَّمَ؛ وَلَكِنَّ مَفْهُومَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ أَهْلُ الْوَقْفِ أَنْ يُؤَجِّرُوهُ بِأَقَلِّ أُجْرَةٍ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ. وَهَذَا غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلًا فِي الْمَذْهَبِ؛ لَكِنَّ نُصُوصَ أَحْمَدَ تُخَالِفُ ذَلِكَ فِي بَيْعِ الْمَسْجِدِ وَالْفَرَسِ الْحَبِيسِ وَغَيْرِهِمَا؛ كَمَا قَدْ ذَكَرَ الْمَسْجِدَ. وَأَمَّا الْفَرَسُ الْحَبِيسُ إذَا عَطِبَ فَإِنَّ الَّذِي يَشْتَرِيه قَدْ يَشْتَرِيه لِيَرْكَبَهُ أَوْ يُدِيرَهُ فِي الرَّحَى وَيُمْكِنُ أَهْلُ الْجِهَادِ أَنْ يَنْتَفِعُوا بِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ: مِثْلَ الْحَمْلِ عَلَيْهِ وَاسْتِعْمَالِهِ فِي الرَّحَى وَإِجَارَتِهِ وَانْتِفَاعِهِمْ بِأُجْرَتِهِ؛ وَلَكِنْ الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ لِحَبْسِهِ وَهِيَ الْجِهَادُ عَلَيْهِ تَعَطَّلَتْ وَلَمْ يَتَعَطَّلْ انْتِفَاعُهُمْ بِهِ بِكُلِّ وَجْهٍ.