وَالثَّانِي أَنْ يُؤَجِّرَ إجَارَةً غَيْرَ مَوْصُوفَةٍ فِي الذِّمَّةِ وَتُؤْخَذُ الْأُجْرَةُ فَيَعْمُرُ بِهَا؛ لِيَسْتَوْفِيَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمُقَابَلَةَ لِلْأُجْرَةِ. وَهَذَانِ طَرِيقَانِ يَكُونَانِ لِلنَّاسِ إذَا خَرِبَ الْوَقْفُ: تَارَةً يُؤَجِّرُونَ الْأَرْضَ وَتَبْقَى حِكْرًا. وَتَارَةً يستسلفون مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يَعْمُرُونَ بِهِ وَتَكُونُ تِلْكَ الْأُجْرَةُ أَقَلَّ مِنْهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ سَلَفًا. وَعَامَّةُ مَا يَخْرَبُ مِنْ الْوَقْفِ يُمْكِنُ فِيهِ هَذَا. وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَوَّزُوا بَيْعَهُ وَالتَّعْوِيضَ بِثَمَنِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَصْلَحُ لِأَهْلِ الْوَقْفِ؛ لَا لِلضَّرُورَةِ وَلَا لِتَعَطُّلِ الِانْتِفَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ فَإِنَّ هَذَا لَا يَكَادُ يَنْفَعُ وَمَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ لَا يَشْتَرِيه أَحَدٌ؛ لَكِنْ قَدْ يَتَعَذَّرُ أَلَّا يَحْصُلَ مُسْتَأْجِرٌ وَيَحْصُلَ مُشْتَرٍ؛ وَلَكِنْ جَوَازُ بَيْعِ الْوَقْفِ إذَا خَرِبَ لَيْسَ مَشْرُوطًا بِأَلَّا يُوجَدَ مُسْتَأْجِرٌ بَلْ يُبَاعُ وَيُعَوَّضُ عَنْهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ أَصْلَحَ مِنْ الْإِيجَارِ؛ فَإِنَّهُ إذَا أُكْرِيَتْ الْأَرْضُ مُجَرَّدَةً كَانَ كِرَاؤُهَا قَلِيلًا. وَكَذَلِكَ إذَا اُسْتُسْلِفَتْ الْأُجْرَةُ لِلْعِمَارَةِ قُلْت الْمَنْفَعَةُ فَإِنَّهُمْ لَا يَنْتَفِعُونَ بِهَا مُدَّةَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الْمُقَابَلَةِ لِمَا عَمَرَ بِهِ؛ وَإِنَّمَا يَنْتَفِعُونَ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ؛ وَلَكِنَّ الْأُجْرَةَ الْمُسَلَّفَةَ تَكُونُ قَلِيلَةً فَفِي هَذَا قُلْت مَنْفَعَةُ الْوَقْفِ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسَوَّغَ لِلْبَيْعِ وَالتَّعْوِيضِ نَقْصُ الْمَنْفَعَةِ؛ لِكَوْنِ الْعِوَضِ أَصْلَحَ وَأَنْفَعَ؛ لَيْسَ الْمُسَوَّغُ تَعْطِيلَ النَّفْعِ بِالْكُلِّيَّةِ. وَلَوْ قُدِّرَ التَّعْطِيلُ لِيَكُنْ ذَلِكَ مِنْ الضَّرُورَاتِ الَّتِي تُبِيحُ الْمُحَرَّمَاتِ وَكُلَّمَا جَوَّزَ لِلْحَاجَةِ لَا لِلضَّرُورَةِ كَتَحَلِّي النِّسَاءِ بِالذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ وَالتَّدَاوِي بِالذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ فَإِنَّمَا أُبِيحَ لِكَمَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute