للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِيَجُودُوا بِالتَّبَرُّعِ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالتَّبَرُّعِ عَيْنًا كَمَا نَهَاهُمْ عَنْ الِادِّخَارِ. فَإِنَّ مَنْ نَهَى عَنْ الِانْتِفَاعِ بِمَالِهِ جَادَ بِبَذْلِهِ؛ إذْ لَا يَتْرُكُ بَطَّالًا وَقَدْ يَنْهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ الْأَئِمَّةُ عَنْ بَعْضِ أَنْوَاعِ الْمُبَاحِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ. لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مَنْفَعَةِ الْمَنْهِيِّ؛ كَمَا نَهَاهُمْ فِي بَعْضِ الْمَغَازِي. . . (١) وَأَمَّا مَا رَوَاهُ جَابِرٌ عَنْ نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُخَابَرَةِ: فَهَذِهِ هِيَ الْمُخَابَرَةُ الَّتِي نَهَى عَنْهَا. وَاللَّامُ لِتَعْرِيفِ الْعَهْدِ. وَلَمْ تَكُنْ الْمُخَابَرَةُ عِنْدَهُمْ إلَّا ذَلِكَ. يُبَيِّنُ ذَلِكَ مَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ {ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا لَا نَرَى بِالْخِبْرِ بَأْسًا حَتَّى كَانَ عَامُ أَوَّلٍ، فَزَعَمَ رَافِعٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ فَتَرَكْنَاهُ مِنْ أَجْلِهِ} " فَأَخْبَرَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ رَافِعًا رَوَى النَّهْيَ عَنْ الْخَبَرِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى حَدِيثِ رَافِعٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْخِبْرُ - بِكَسْرِ الْخَاءِ - بِمَعْنَى الْمُخَابَرَةِ. وَالْمُخَابَرَةُ: الْمُزَارَعَةُ بِالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ. وَكَانَ أَبُو عُبَيْدٍ يَقُولُ: لِهَذَا سُمِّيَ الْأَكَّارُ خَبِيرًا؛ لِأَنَّهُ يُخَابِرُ عَلَى الْأَرْضِ وَالْمُخَابَرَةُ: هِيَ الْمُؤَاكَرَةُ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: أَصْلُ هَذَا مِنْ خَيْبَرَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّهَا فِي أَيْدِيهِمْ عَلَى النِّصْفِ فَقِيلَ: خَابَرَهُمْ أَيْ عَامَلَهُمْ فِي خَيْبَرَ. وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءِ؛ فَإِنَّ مُعَامَلَتَهُ بِخَيْبَرِ لَمْ يَنْهَ عَنْهَا قَطُّ


(١) بياض بالأصلين قدر كلمتين أو ثلاث