الْمَقْصُودُ فِي الْجُمْلَةِ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي كُلِّ فِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَصْدَقُ الْأَسْمَاءِ حَارِثٌ وَهَمَّامٌ} فَإِنَّ كُلَّ بَشَرٍ بَلْ كُلَّ حَيَوَانٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ هِمَّةٍ وَهُوَ الْإِرَادَةُ وَمِنْ حَرْثٍ وَهُوَ الْعَمَلُ إذْ مِنْ لَوَازِمِ الْحَيَوَانِ أَنَّهُ يَتَحَرَّكُ بِإِرَادَتِهِ ثُمَّ ذَلِكَ الَّذِي يَقْصِدُهُ هُوَ غَايَتُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَحْدُثُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْقَصْدِ قَصْدٌ آخَرُ وَإِنَّمَا تَطْمَئِنُّ النُّفُوسُ بِوُصُولِهَا إلَى مَقْصُودِهَا. وَأَمَّا قَصْدُ الْعِبَادَةِ فَقَصْدُ الْعَمَلِ الْخَاصِّ فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ اللَّهَ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ بِعَمَلِهِ: فَقَدْ يُرِيدُهُ بِصَلَاةِ وَقَدْ يُرِيدُهُ بِحَجِّ. وَكَذَلِكَ مَنْ قَصَدَ طَاعَتَهُ بِامْتِثَالِ مَا أَمَرَهُ بِهِ فَقَدْ أَطَاعَهُ فِي هَذَا الْعَمَلِ. وَقَدْ يَقْصِدُ طَاعَتَهُ فِي هَذَا الْعَمَلِ فَهَذَا الْقَصْدُ الثَّانِي مِثْلُ قَصْدِ الصَّلَاةِ دُونَ الصَّوْمِ ثُمَّ صَلَاةِ الظُّهْرِ دُونَ صَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ الْفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ وَهَذِهِ النِّيَّةُ الَّتِي تُذْكَرُ غَالِبًا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ الْمُتَأَخِّرَةِ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ النِّيَّتَيْنِ فَرْضٌ فِي الْجُمْلَةِ. أَمَّا الْأُولَى: فَبِهَا يَتَمَيَّزُ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ مِمَّنْ يَعْبُدُ الطَّاغُوتَ أَوْ يُشْرِكُ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ وَمَنْ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ مِمَّنْ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا وَهُوَ الدِّينُ الْخَالِصُ لِلَّهِ الَّذِي تَشْتَرِكُ فِيهِ جَمِيعُ الشَّرَائِعِ الَّذِي نُهِيَ الْأَنْبِيَاءُ عَنْ التَّفَرُّقِ فِيهِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute