للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قَالَ ثمَّ انْتقل أهل الْمشرق الأندلس عِنْد جالية النَّصَارَى إِلَى افريقيا فابقوا بهَا من الحضارة اثارا ومعظمعا بتونس امتزجت بحضارة مصر وَمَا يَنْقُلهُ المسافرون من عوائدها فَكَانَ بذلك للمغرب وافريقية حَظّ من الحضارة صَالح عفى عَلَيْهِ الْخَلَاء وَرجع إِلَى أعقابه وَعَاد البربر إِلَى أديانهم من البدواة والخشونة

قَالَ وعَلى كل حَال فأثر الحضارة بأفريقية اكثر مِنْهَا بالمغرب ولقرب تداول فِيهَا من الدول السالفة اكثر من الْمغرب ولقرب عوائدهم من عوائد أهل مصر بِكَثْرَة المترددين بَينهم فتفظن لهَذَا السِّرّ فانه خَفِي على النَّاس انْتهى

مزِيد تَحْصِيل قَالَ وَاعْلَم إِنَّهَا أُمُور متناسبة وَهِي حَال الدولة فِي الْقُوَّة والضعف وَكَثْرَة الامو وَعظم الْمَدِينَة وَذَلِكَ أَن الْملك صور الخلقية والعمران وَكلهَا مَادَّة لَهُ من الرعايا والأمصار وامور الجباية عَائِدَة عَلَيْهِم ويسارهم غَالِبا من اسواقهم ومتاجرهم وَإِذا افاض السُّلْطَان عَطاء فِي أَهلهَا انبثت فيهم وَرجع إِلَيْهِ ثمَّ إِلَيْهِم مِنْهُ فَهُوَ ذَاهِب عَنْهُم فِي الجباية وَالْخَرَاج عَائِد عَلَيْهِم فِي الْعَطاء فعلى نِسْبَة مَال الدولة يكون يسَار الرّعية وعَلى نِسْبَة يسَار الرّعية يكون مَال الدولة

قَالَ واصله كُله الْعمرَان وكثرته فاعتبره فِي الدول تَجدهُ وَالله يحكم لَا معقب لحكمه

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة أَن الحضارة غَايَة للعمران ومؤذنة بفساده لنهاية عمره وَذَلِكَ لما تقدم الْملك غَايَة للعصبية والحضارة غَايَة للبداوة والعمران كُله من حضارة وبدواة وَملك وسوقة لَهُ عمر مَخْصُوص كَمَا لأشخاص

<<  <  ج: ص:  >  >>