النَّار " فَإِن قَوْله (فَليَتَبَوَّأ) للنسبة الاستقبالية فَإِنَّهُ بِمَعْنى يتبوأ مَقْعَده من النَّار]
وَإِذا أشكل عَلَيْك أَمر الْفِعْل فَصله بتاء الْمُتَكَلّم أَو الْمُخَاطب، فَمَا ظهر فَهُوَ أَصله، أَلا يرى أَنَّك تَقول فِي (رمى) و (هدى) : رميت، وهديت وَفِي (عَفا) ، و (دَعَا) : عَفَوْت، ودعوت (كَمَا ذكرنَا فِي أول الْكتاب)
وَإِذا أشكل أَمر الِاسْم فَانْظُر إِلَى تثنيته، فَمَا ظهر فَهُوَ أَصله، أَلا يرى أَنَّك تَقول فِي الْفَتى وَالْهدى: فتيَان وهديان وَالْفِعْل إِذا نسب إِلَى ظرف الزَّمَان بِغَيْر (فِي) يَقْتَضِي كَون ظرف الزَّمَان معيارا لَهُ، فَإِن امْتَدَّ الْفِعْل امْتَدَّ المعيار فيراد بِالْيَوْمِ النَّهَار وَإِن لم يَمْتَد الْفِعْل لم يَمْتَد المعيار فيراد بِالْيَوْمِ حِينَئِذٍ مُطلق الْوَقْت اعْتِبَارا للتناسب وَإِذا اسند الْفِعْل إِلَى ظَاهر الْمُؤَنَّث غير الْحَقِيقِيّ جَازَ إِلْحَاق عَلامَة التَّأْنِيث بِالْفِعْلِ وَتَركه
وَكَذَا إِذا أسْند الى ظَاهر الْجمع مُطلقًا، أَي سَوَاء كَانَ جمع سَلامَة أَو جمع تكسير، وَسَوَاء كَانَ وَاحِد المكسر حَقِيقِيّ التَّذْكِير أَو التَّأْنِيث ك (رجال) و (نسْوَة) أَو مجازي التَّذْكِير أَو التَّأْنِيث ك (أَيَّام) و (دور) ، وَكَذَا وَاحِد الجموع بِالْألف وَالتَّاء يَنْقَسِم إِلَى هَذِه الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة نَحْو: الطلحات، والزينبات، والحبليات، والغرفات، فَحكم الْمسند إِلَى ظَاهر هَذِه الجموع حكم الْمسند إِلَى ظَاهر الْمُؤَنَّث غير الْحَقِيقِيّ فِي جَوَاز إِلْحَاق عَلامَة التَّأْنِيث وَتَركه وَأما إِلْحَاق ضمير الْجمع بِهِ مَعَ كَونه مُسْندًا إِلَى الظَّاهِر فَغير صَحِيح إِلَّا على لُغَة طَيئ نَحْو: (أكلوني البراغيث)
وَكَذَا أَسمَاء الفاعلين إِذا أسندت إِلَى الْجَمَاعَة جَازَ فِيهَا التَّوْحِيد مَعَ التَّذْكِير نَحْو: (خَاشِعًا أَبْصَارهم)
وَجَاز أَيْضا التَّوْحِيد مَعَ التَّأْنِيث نَحْو: {خاشعة أَبْصَارهم}
وَجَاز الْجمع أَيْضا على لُغَة طَيئ نَحْو: {خشعا أَبْصَارهم}
وَإسْنَاد الْفِعْل إِلَى ظَاهر جمع الْمَذْكُور والعاقلين يكون بإلحاق التَّاء وَتَركه نَحْو: (فعلت الرِّجَال) ، (وَفعل الرِّجَال) ، إِسْنَاده إِلَى ضمير هَذَا الْجمع يكون بإلحاق التَّاء أَو الْوَاو لَا غير مثل (الرِّجَال فعلت أَو فعلوا) ، وَكَذَا حكم مَا هُوَ فِي معنى هَذَا الْجمع كالقوم
وَالْفِعْل مَتى اتَّصل بفاعله وَلم يحجز بَينهمَا حاجز لحقت الْعَلامَة، وَلَا يُبَالِي أَكَانَ التَّأْنِيث حَقِيقِيًّا أَو مجازيا فَتَقول: (جَاءَت هِنْد) ، (وَطَابَتْ الثَّمَرَة) إِلَّا أَن يكون الِاسْم الْمُؤَنَّث فِي معنى اسْم آخر مُذَكّر ك (الأَرْض) و (الْمَكَان) وَإِذا انْفَصل عَن فَاعله فَكلما بعد عَنهُ قوي حذف الْعَلامَة، وَكلما قرب قوي إِثْبَاتهَا، وَإِن توَسط توَسط، وَمن هُنَا كَانَ إِذْ تَأَخّر الْفِعْل عَن الْفَاعِل وَجب ثُبُوت التَّاء، طَال الْكَلَام أم قصر لفرط الِاتِّصَال، وَإِذا تقدم الْفِعْل مُتَّصِلا بفاعله الظَّاهِر كَانَ حذف التَّاء أقرب إِلَى الْجَوَاز، وَإِن حجز بَين الْفِعْل وفاعله حاجز كَانَ حذف التَّاء حسنا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute