و (عز من قَائِل) : فِي مَوضِع التَّمْيِيز عَن النِّسْبَة أَي عز قائلية وَيُقَال: عز قَائِلا بِدُونِ (من) كَمَا يُقَال: عِنْدِي خَاتم حديدا وَمن حَدِيد وَيحْتَمل الْحَال على أَن المُرَاد بقائل الْجِنْس أَي عز قَائِلا من الْقَائِلين
الْعَالم: [اسْم لمَفْهُوم مَا يعلم بِهِ الْخَالِق بالفعلية كالإله] قَالَ أَبُو حَيَّان: الْعَالم لَا مُفْرد لَهُ كالأنام واشتقاقه من الْعلم أَو الْعَلامَة وَقَالَ غَيره: من الْعلم لَا الْعَلامَة، لكنه لَيْسَ بِصفة بل اسْم لما يعلم بِهِ، أَي يَقع الْعلم بِهِ وَيحصل، أَعم مِمَّا يعلم الصَّانِع أَو غَيره، كالخاتم اسْم لما يخْتم بِهِ، والقالب لما يقلب بِهِ وَقَالَ بَعضهم: مُشْتَقّ من الْعلم، لكنه اسْم ذَوي الْعلم، أَو لكل جنس يعلم بِهِ الْخَالِق سَوَاء كَانَ من ذَوي الْعلم أَو لَا وَلَيْسَ اسْما لمجموع مَا سوى الله بِحَيْثُ لَا يكون لَهُ أَفْرَاد بل أَجزَاء فَيمْتَنع جمعه، بل لَهُ أَفْرَاد كَثِيرَة: {وَمَا يعلم جنود رَبك إِلَّا هُوَ}
وَقَالَ بَعضهم: هُوَ اسْم لما يعلم بِهِ شَيْء ثمَّ سمي مَا يعلم بِهِ الْخَالِق من كل نوع من الْفلك وَمَا يحويه من الْجَوَاهِر والأعراض، وَذَلِكَ لِأَن الِاخْتِلَاف فِي الْمَقَادِير وَالصِّفَات والأزمنة والأمكنة والجهات والوجود والعدم مَعَ قبُول مَادَّة كل وَاحِد مِنْهَا لما حصل لغيره بالمساواة يسْتَلْزم الْحُدُوث والافتقار إِلَى الْمُخَصّص ابْتِدَاء وإيجادا وإعداما، وَذَلِكَ الْمُخَصّص الموجد والمؤثر لَا بُد وَأَن يَتَّصِف بِوُجُوب الْوُجُود والتوحد والقدم والبقاء والحياة وَعُمُوم الْقُدْرَة والإرادة بِجَمِيعِ الممكنات، وَعُمُوم الْعلم بالواجبات والجائزات والمستحيلات، فيستدل لمعْرِفَة عِلّة الموجودات كلا وبعضا بِالْعلمِ الْمَنْسُوب إِلَيْهَا، أَو بجزئه الْمُسَمّى بالعالم الصَّغِير الْمَنْسُوب إِلَى تِلْكَ الْعلَّة، نِسْبَة الْمَمْلُوك إِلَى الْمَالِك وَهِي الْحَقِيقَة النوعية الإنسانية اسْتِدْلَالا، وَهِي أكمل التمسكات، إِذْ هِيَ النُّسْخَة الْمَجْمُوعَة من العوالي والسوافل وَهِي الْمَقْصد الْأَقْصَى الَّذِي هُوَ الْبَاعِث على إِيجَاد جَمِيع الموجودات، فَهِيَ بِهَذَا الِاعْتِبَار أَولهَا علما وَآخِرهَا صنعا لَا سِيمَا الْفَرد الْأَكْمَل الْأَفْضَل الْأَشْرَف من تِلْكَ الْمَاهِيّة الْمَنْسُوب إِلَى المعبود الْمُطلق، المتصف بِجَمِيعِ الكمالات، المنزه عَن النقائص كلهَا، نِسْبَة الحبيب إِلَى الْمُحب وَهُوَ الذَّات الْكَامِلَة المحمدية عَلَيْهِ وعَلى آله أفضل الصَّلَاة وأكمل التَّحِيَّة فَإِنَّهُ يتوسل بِهِ فِي مَعْرفَته أتم توسل وَلَا شكّ أَن هَذَا الْفَرد أدل بموجده وسيده من غَيره، فَإِن آثَار الصنع فِيهِ أَكثر وَأتم من غَيره، كَمَا أَن الصنع فِي تِلْكَ الْمَاهِيّة أَكثر من الماهيات الْأُخَر، وَبِهَذَا يَتَّضِح لَك أَن كل جرم من أجرام العوالم من السَّمَوَات وَالْأَرضين وَالْعرش والكرسي وَالْإِنْس وَالْجِنّ وَالْمَلَائِكَة وَسَائِر أَنْوَاعهَا وأشخاصها حَادِثَة، وكل حَادث فِيهِ عَلَامَات تميزه عَن موجده الْقَدِيم حَتَّى لَا يلتبس بِهِ أصلا، [وكل مَا هُوَ عذر فِي قدمه فَهُوَ عذر فِي حُدُوثه، وكل مَا هُوَ عذر فِي حُدُوث الْحَوَادِث فَهُوَ عذر فِي حُدُوث الْعَالم] وَهَذَا - أَعنِي حُدُوث الْعَالم - مِمَّا اجْتمع فِيهِ الْإِجْمَاع والتواتر بِالنَّقْلِ عَن صَاحب الشَّرْع فيكفر الْمُخَالف بِسَبَب مُخَالفَة النَّقْل الْمُتَوَاتر لَا بِسَبَب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute