قبل لفظ التورية أَو بعده فَمن أعظم شَوَاهِد مَا ذكر لَازمه قبل ذكره التورية قَوْله تَعَالَى: {وَالسَّمَاء بنيناها بأيد} فَإِن قَوْله (بأيد) يحْتَمل الْجَارِحَة وَهُوَ الْمَعْنى الْقَرِيب المورى بِهِ، وَقد ذكر من لوزامه على جِهَة الترشيح (الْبناء) ، وَالْمعْنَى الْبعيد المورى عَنهُ هُوَ الْقُوَّة وعظمة الْخَالِق وَهُوَ المُرَاد وَالْآيَة أَيْضا إِذا حملت على التَّمْثِيل والتصوير على مَا هُوَ التَّحْقِيق فَلَا تورية فِيهَا
وَمن أَمْثِلَة مَا ذكر لَازمه بعد لفظ التورية قَوْله:
(مذ هَمت من وجدي فِي خالها ... وَلم أصل مِنْهُ إِلَى اللثم)
(قَالَت قفوا وَاسْتَمعُوا مَا جرى ... خَالِي قد هام بِهِ عمي)
فان الْمَعْنى الْقَرِيب المورى بِهِ خَال النّسَب، وَقد ذكر لَازمه بعد لفظ التورية على جِهَة الترشيح وَهُوَ الْعم
والمبينة: هِيَ الَّتِي ذكر فِيهَا لَازم المورى عَنهُ قبل لفظ التورية أَو بعده وَمن أحسن الشواهد على مَا ذكر لَازم المورى عَنهُ قبل التورية قَوْله:
(قَالُوا أما فِي جلق نزهة ... تنسيك من أَنْت بِهِ مغرى)
(يَا عاذلي دُونك من لحظه ... سَهْما وَمن عَارضه سطرا)
فَإِن السهْم والسطر موضعان بِدِمَشْق، وَذكر النزهة قبله هُوَ الْمُبين لَهما، وَالْمعْنَى الْقَرِيب سهم اللحظ وسطر الْعَارِض وَمن أَمْثِلَة مَا ذكر فِي المبنية لَازم المورى عَنهُ بعد لفظ التورية قَوْله:
(أرى ذَنْب السرحان فِي الْأُفق ساطعا ... فَهَل مُمكن أَن الغزالة تطلع)
وَقد نظمت فِيهِ أَيْضا:
(أتطلع سلمى والرقيب أمامها ... وَمن ذَنْب السرحان بطء الغزالة)
أَرَادَ بذنب السرحان ضوء الْفجْر وَهُوَ الْمَعْنى الْبعيد، وَقد بَينه بِذكر لَازمه بعده بقوله (ساطعا) ، وَكَذَا أَرَادَ بالغزالة الشَّمْس، وَهُوَ الْمَعْنى الْبعيد، وَقد بَينه بِذكر لَازمه وَهُوَ (تطلع) ، وَالْمعْنَى الْقَرِيب فِي كلا الْمَوْضِعَيْنِ الْحَيَوَان الْمَعْرُوف
والمهيأة: هِيَ الَّتِي لَا تقع فِي التورية وَلَا تتهيأ إِلَّا بِاللَّفْظِ الَّذِي قبلهَا نَحْو قَوْله:
(وسيرك فِينَا سيرة عمرية ... فروحت عَن قلب وفرجت عَن كرب)
(وأظهرت فِينَا من سميك سنة ... فأظهرت ذَاك الْفَرْض من ذَلِك النّدب)
فَإِن المُرَاد من الْفَرْض وَالنَّدْب مَعْنَاهُمَا الْبعيد وَهُوَ الْعَطاء بِالْفَرْضِ، وَالرجل السَّرِيع فِي الْحَوَائِج بالندب، وَلَوْلَا ذكر السّنة قبلهمَا لما تهيأت التورية فيهمَا، وَلم يفهم مِنْهُمَا الحكمان الشرعيان اللَّذَان صحت بهما التورية، أَو لَا تتهيأ إِلَّا بِاللَّفْظِ الَّذِي بعْدهَا نَحْو قَوْله:
(لَوْلَا التطير بِالْخِلَافِ وَأَنَّهُمْ ... قَالُوا مَرِيض لَا يعود مَرِيضا)
(لقضيت نحبا فِي جنابك خدمَة ... لأَكُون مَنْدُوبًا قضى مَفْرُوضًا)
فَإِن المُرَاد بالمندوب هَهُنَا الْمَيِّت الَّذِي يبكي