(حلقت لحية مُوسَى باسمه ... وبهارون إِذا مَا قلبا)
والإضمار: هُوَ أَن يضمر النَّاظِم ركني التَّجْنِيس، وَيَأْتِي فِي الظَّاهِر بِمَا يرادف الْمُضمر للدلالة عَلَيْهِ، فَإِن تعذر المرادف يَأْتِي بِلَفْظ فِيهِ كِنَايَة لَطِيفَة تدل على الْمُضمر بِالْمَعْنَى كَقَوْلِه:
(جمع الصِّفَات الصَّالِحَات مليكنا ... فغدا بنصر الْحق مِنْهُ مؤيدا)
(كَأبي الْأمين برايه وكجده ... أَنى توجه وَابْن يحيى فِي الندى)
فَأَبُو الْأمين الرشيد وجده الْمَنْصُور وَابْن يحيى الْفضل فقد قصد الشَّاعِر أَن الممدوح رشيد فِي رَأْيه مَنْصُور أَنى توجه وَهُوَ الْفضل فِي الندى
والطباق: هُوَ أَن تجمع بَين متضادين مَعَ مُرَاعَاة التقابل فَلَا يَجِيء باسم مَعَ فعل وَلَا بِفعل مَعَ اسْم، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وتحسبهم أيقاظا وهم رقود}
التورية: وَتسَمى أَيْضا بالإيهام والتوجيه والتخييل، والتورية أولى بِالتَّسْمِيَةِ لقربها من مُطَابقَة الْمُسَمّى لِأَنَّهَا مصدر (وريت الْخَبَر تورية) إِذا سترته وأظهرت غَيره فَكَأَن الْمُتَكَلّم يَجعله وَرَاءه بِحَيْثُ لَا يظْهر
وَهِي فِي الِاصْطِلَاح أَن يذكر الْمُتَكَلّم لفظا مُفردا لَهُ حقيقتان، أَو حَقِيقَة ومجاز أَحدهمَا قريب وَدلَالَة اللَّفْظ عَلَيْهِ ظَاهِرَة وَالْآخر بعيد وَدلَالَة اللَّفْظ عَلَيْهِ خُفْيَة، وَيُرِيد الْمُتَكَلّم الْمَعْنى الْبعيد، ويوري عَنهُ بالقريب فيوهم السَّامع أول وهلة أَنه يُرِيد الْمَعْنى الْقَرِيب وَلَيْسَ كَذَلِك؛ وَلِهَذَا سمي هَذَا النَّوْع إيهاما وَمثل ذَلِك قَوْله:
(وحرف كنون تَحت رَاء وَلم يكن ... بدال يؤم الرَّسْم غَيره النقط)
فَإِن المُرَاد الْمَعْنى الْبعيد المورى عَنهُ بالقريب هُوَ النَّاقة المهزولة المنحنية تَحت شخص يضْرب رئتها وَلم يرفق بهَا ويؤم بهَا دَارا غير الْمَطَر رسمها
وَالْمعْنَى المتقارب الْمُتَبَادر أَولا إِلَى ذهن السَّامع حُرُوف الهجاء
والتورية أَنْوَاع: مُجَرّدَة ومرشحة ومبينة ومهيأة
فالمجردة: هِيَ الَّتِي لم يذكر فِيهَا لَازم من لَوَازِم المورى بِهِ، وَهُوَ الْمَعْنى الْقَرِيب وَلَا من لَوَازِم المورى عَنهُ، وَهُوَ الْمَعْنى الْبعيد، وَأعظم أَمْثِلَة هَذَا النَّوْع قَوْله تَعَالَى: {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى}
إِذْ للاستواء مَعْنيانِ: قريب وَهُوَ الِاسْتِقْرَار، وبعيد وَهُوَ الِاسْتِيلَاء وَأَنت تعلم أَن الْآيَة إِذا حملت على التَّمْثِيل فَلَا تورية فِيهَا
والمرشحة: هِيَ الَّتِي يذكر فِيهَا لَوَازِم المورى بِهِ