وَقَالَ شمر: امْرَأَة حَصَانٌ وحاصِنٌ وَهِي العَفيفَةُ، وَأنْشد: وحاصِنٍ من حاصِنَاتٍ مُلْسِ من الْأَذَى ومِنْ قِرَافِ الوَقْسِ الوَقْسُ: الجَرب. مُلْسٌ: لاعيب بِهن. وَقَالَ اللَّيْث: حَصُنَت المرأةُ تَحْصُن إِذا عَفَّت عَن الرِّيبَةِ فَهِيَ حَصَانٌ، قَالَ: والمُحْصَنَةُ: الَّتِي أحْصنهَا زَوجها، وَهِي الْمُحْصنَات، فَالْمَعْنى أَنَّهُنَّ أُحْصِنّ بأزواجهن. وَأَخْبرنِي الْإِيَادِي عَن شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي وَالْمُنْذِرِي عَن ثَعْلَب عَنهُ أَنه قَالَ: كَلَام الْعَرَب كُله على أفْعَلَ فَهُوَ مُفْعِل إِلَّا ثَلَاثَة أحرف أحْصَن فَهُوَ مُحْصَنٌ، وألْفَجَ فَهُوَ مُلْفَج، وأسْهَبَ فَهُوَ مُسْهَب. وَقَالَ أَبُو عُبَيد: أجمع الْقُرَّاء: على نَصْبِ الصَّاد فِي الْحَرْف الأول من النِّسَاء فَلم يَخْتَلِفُوا فِي فتح هَذِه، لِأَن تَأْوِيلهَا ذواتُ الْأزْوَاج يُسْبَيْن فيُحِلُّهُنَّ السِّبَاءُ لمنْ وَطئهَا من المالِكين لَهَا، وتنقطع العِصْمَة بَينهُنَّ وَبَين أَزوَاجهنَّ بِأَن يَحِضْن حَيْضَة ويَطْهُرن مِنْهَا، فَأَما مَا سِوَى الْحَرْف الأول فالقُرّاء مُخْتَلفُونَ، فَمنهمْ من يكسر الصَّاد، وَمِنْهُم من يفتحها، فَمن نصب ذهب إِلَى ذَوَات الْأزْوَاج، وَمن كسر ذهب إِلَى أَنَّهُنَّ أسلَمْن فأَحْصَنَّ أنْفُسَهن فهن مُحْصِنَات. قلت: وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَ ? حِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ? لْمُحْصَنَ ? تِ مِنَ ? لْعَذَابِ} (النِّساء: ٢٥) فَإِن ابْن مَسْعُود قَرَأَ: (فَإِذا أحْصَنَّ) وَقَالَ: إحْصَانُ الأَمَةِ: إسْلامُها، وَكَانَ ابْن عَبَّاس يقْرؤهَا {فَإِذَآ أُحْصِنَّ} (النِّساء: ٢٥) على مَا لم يُسَمّ فَاعله. ويفسره فَإِذا أُحْصِنّ بِزَوْج، وَكَانَ لَا يَرَى على الأَمَةِ حَدّاً مَا لم تتَزَوَّج، وَكَانَ ابْن مَسْعُود يرى عَلَيْهَا نِصْفَ حَدِّ الحُرَّة إِذا أسلمت وَإِن لم تُزَوّج وبِقَوْله يَقُول فُقَهاءُ الأمْصَارِ، وَهُوَ الصَّوَاب، وَقَرَأَ ابْن كثير وَنَافِع وَأَبُو عَمْرو وَعبد الله بن عَامر وَيَعْقُوب فَإِذا أُحْصِنّ بضمّ الْألف، وَقَرَأَ حَفْصٌ عَن عَاصِم مثلَه، وَأما أَبُو بكر عَن عَاصِم فقد فتح الْألف وَقَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ (فَإِذا أحْصنَّ) بفَتْح الْألف. وَقَالَ شمر: أَصْلُ الحَصانَة المَنْعُ، وَلذَلِك قيل: مَدِينةٌ حَصِينَةٌ، ودِرْعٌ حَصينَةٌ، وَأنْشد يُونُس: زَوْجُ حَصَانٍ حُصْنُها لم يُعْقَم وَقَالَ: حُصْنُها: تَحْصِينُها نفسَها. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: حَصَنَتِ المرأةُ نفسَها، وامرأةٌ حَصَانٌ وَحَاصِنٌ. سَلَمَةُ عَن الفرّاء فِي قَوْله: {وَ ? لْمُحْصَنَ ? تُ مِنَ ? لنِّسَآءِ} (النِّساء: ٢٤) . قَالَ: المُحْصَنَاتُ: العَفَائِفُ من النِّسَاء، المُحْصنات: ذَوَات الأزْوَاج اللَّاتِي قد أَحْصَنَهُن أَزْوَاجُهُنّ. قَالَ: والمُحْصَنَات بِنَصْبِ الصَّادِ أكثرُ فِي كَلَام العَرَب. وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله: {مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَ ? فِحِينَ} (النِّساء: ٢٤) . قَالَ: مُتَزَوِّجِينَ غَيْرَ زُنَاة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute