جلّ وعزّ على نبيّه كَمَا أَنزله، وأَبانه من سَائِر مَن بَعثه إِلَيْهِم بِهَذِهِ الْآيَة الَّتِي بايَن بَينه وَبينهمْ بهَا، وَفِي ذَلِك أَنزل الله تَعَالَى: {) إِلَاّ الْكَافِرونَ وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَاّرْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} (العنكبوت: ٤٨) .
يَقُول جلّ وعزّ: لَو كنت تتلو من الْكتاب، أَو تخط لارتاب المُبطلون الَّذين كفرُوا، ولقالوا إِنَّه وَجد هَذِه الأقاصيص مَكْتُوبَة فحفظها من الْكتب.
اللَّيْث: كُل قوم نُسبوا إِلَى نَبِي فأُضيفوا إِلَيْهِ، فهم: أُمّته.
وَقيل: أُمة مُحَمَّد: كُل من أَرسل إِلَيْهِ ممَّن آمن بِهِ أَو كفر.
قَالَ: وكل جيل من النَّاس، فهم: أُمة على حِدة.
وَقَالَ غَيره: كل جنس من الْحَيَوَان غير بني آدم أُمّة على حِدة؛ قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِى الَاْرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَاّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} (الْأَنْعَام: ٣٨) الْآيَة.
وَمعنى قَوْله: (إِلَّا أُمَم أمثالكم) فِي معنى دون معنى.
يُرِيد: وَالله أَعلم: أَن الله خلقهمْ وتعبّدهم بِمَا شَاءَ أَن يتعبَّدهم بِهِ من تَسبيح وَعبادَة عَلِمها مِنْهُم وَلم يُفقِّهنا ذَلِك.
وَجَاء فِي الحَدِيث: (لَوْلَا أَن الْكلاب أُمّة تُسبِّح لأَمرتُ بقَتْلها، وَلَكِن اقْتُلوا مِنْهَا كُلَّ أَسْود بَهيم) .
اللَّيْث: الإمّة: الائتمام بِالْإِمَامِ.
يُقال: فلَان أَحقّ بإِمّة هَذَا الْمَسْجِد من فلَان، أَي: بِالْإِمَامَةِ.
قلت: الإمّة: الْهَيْئَة فِي الإمَامة وَالْحَالة.
يُقال: فلَان حَسن الإمّة، أَي: حسن الْهَيْئَة إِذا أمّ النَّاس فِي الصَّلَاة.
وَالْإِمَام: كل من ائتم بِهِ قومٌ كَانُوا على الصّراط الْمُسْتَقيم أَو كَانُوا ضالّين.
وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إمَام أُمته، وَعَلَيْهِم جَمِيعًا الائتمام بسُنَّته الَّتِي مَضى عَلَيْهَا.
والخليفة: إمَام رَعيّته.
وَالْقُرْآن: إمَام المُسلمين.
وإمَام الغُلام فِي المَكتب، مَا يتعلّمه كُلَّ يَوْم.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي قَول الله تَعَالَى: {يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} (الْإِسْرَاء: ٧١) قَالَت طَائِفَة، بإِمامهم. وَقَالَت طَائِفَة: دينهم وشَرعهم.
وَقيل: بِكِتَابِهِمْ الَّذِي أحصى فِيهِ عَمَلهم. وَقَول الله تَعَالَى: {فَقَاتِلُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ - اْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} (التَّوْبَة: ١٢) أَي: قَاتلُوا رُؤساء الكفّار وقادَتهم الَّذين ضُعَفاؤُهم تَبع لَهُم.
وقرىء قَوْله تَعَالَى: {أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} على حَرْفين.