للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَمن قَالَ: ذُو أمّة، فَمَعْنَاه: ذُو دِين.

وَمن قَالَ: ذُو إمّة، فَمَعْنَاه: ذُو نعْمَة أُسديت إِلَيْهِ.

قَالَ: وَمعنى (الأُمّة) : الْقَامَة، سَائِر مَقْصَد الْجَسَد.

فَلَيْسَ يخرج شَيْء من هَذَا الْبَاب عَن معنى (أممت) ، أَي: قصدت.

وَيُقَال: إمامنا هَذَا حَسن الإمّة، أَي: حسن الْقيام بإمامته إِذا صلّى بِنَا.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: قَالُوا فِي معنى الْآيَة غيْرَ قولٍ.

قَالَ بَعضهم: كَانَ النَّاس فِيمَا بَين آدم ونوح كُفَّاراً فَبعث الله النَّبيين يُبشِّرون مَن أَطاع بالجنّة ويُنذرون مَن عَصى بالنَّار

وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ جَمِيع مَن مَعَ نوح فِي السَّفِينة مُؤمناً ثمَّ تَفرّقوا من بعده عَن كُفْر، فَبعث الله النَّبِيين.

قَالَ: وَقَالَ آخَرُونَ: النَّاس كَانُوا كفّاراً فَبعث الله إِبْرَاهِيم والنَّبيِّين من بعده.

قلت: و (الأمّة) فِيمَا فسروا، يَقع على الكفّار وعَلى المُؤمنين.

وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَاّ أَمَانِىَّ} (الْبَقَرَة: ٧٨) .

قَالَ أَبُو إِسْحَاق: معنى (الْأُمِّي) فِي اللُّغَة: الْمَنْسُوب إِلَى مَا عَلَيْهِ جَبَلَتْه أُمّه، أَي: لَا يكْتب، فَهُوَ فِي أَنه لَا يكْتب على مَا ولد عَلَيْهِ. وارتفع (أُمِّيُّونَ) بِالِابْتِدَاءِ، و (مِنْهُم) الْخَبَر.

وَقَالَ غَيره: قيل للَّذي لَا يكْتب: أُمي، لِأَن الْكِتَابَة مكتسبة، فَكَأَنَّهُ نُسب إِلَى مَا وُلد عَلَيْهِ، أَي: هُوَ على مَا وَلدته أُمه عَلَيْهِ.

وَكَانَت الْكِتَابَة فِي الْعَرَب فِي أهل الطَّائِف تعلّموها من رجل من أهل الْحيرَة، عَن أَهل الأنبار.

قَالَ أَبُو زيد: الأمّي من الرِّجَال: العَيِيّ الْقَلِيل الْكَلَام الجافي الجلْف؛ وأَنشد:

وَلَا أَعُود بعْدهَا كَرِيّا

أمارس الكَهْلة والصَّبِيَّا

والعَرَب المنفَّه الأمِّيّا

قيل لَهُ: أميّ، لِأَنَّهُ على مَا وَلدته أُمه عَلَيْهِ من قلَّة الْكَلَام وعُجْمة اللّسان.

وَقيل للنَّبِي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الأُمي، لِأَن أُمة الْعَرَب لم تكن تكْتب وَلَا تقْرَأ الْمَكْتُوب، بَعثه الله رَسُولا وَهُوَ لَا يكْتب وَلَا يقْرَأ من كتاب، وَكَانَت هَذِه الْخلَّة إِحْدَى آيَاته المُعجزة، لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا عَلَيْهِم كتاب الله منظوماً مَعَ أميته بآيَات مفصلات، وقصص مؤتلفات، ومواعظ حكيمات، تَارَة بعد أُخْرَى، بالنَّظم الَّذِي أُنزل عَلَيْهِ، فَلم يغيّره وَلم يبدِّل أَلْفَاظه.

وَكَانَ الْخَطِيب من الْعَرَب إِذا ارتجل خطْبَة ثمَّ أَعَادَهَا زَاد فِيهَا ونَقص، فَحفِظه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>