للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إلاّ اليَعافيرُ وإلاّ العِيسُ

لَيست اليعافير والعيس من الأَنيس، فرفعهما، وَوَجْه الْكَلَام فيهمَا النَّصْب.

وَأما (إِلَّا) بِمَعْنى (لما) مثل قَول الله تَعَالَى: {الَاْحْزَابُ إِن كُلٌّ إِلَاّ كَذَّبَ الرٌّ سُلَ فَحَقَّ عِقَابِ} (ص: ١٤) .

وَهِي قِرَاءَة عبد الله: (إِن كُلّهم لما كذب الرُّسُل) .

وَتقول: أَسألك بِاللَّه إِلَّا أَعْطَيتني، ولَما أَعْطيتني، بِمَعْنى وَاحِد.

وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: وحَرف من الِاسْتِثْنَاء تَرفع بِهِ الْعَرَب وتَنْصب، لُغتان فصيحتان، وَهُوَ قَوْلك: أَتَانِي إخْوَتك إلاّ أَن يكون زيدا، وزيدٌ.

فَمن نَصب أَرَادَ: إِلَّا أَن يكون الأَمْرُ زيدا.

وَمن رفع بِهِ جعل (كَانَ) هَا هُنَا تَامَّة، مكْتفية عَن الْخَبَر باسمها، كَمَا تَقول: كَانَ الأَمر، كَانَت القِصّة.

وَسُئِلَ هُوَ عَن حَقِيقَة الِاسْتِثْنَاء إِذا وَقع ب (إلاّ) مكرّراً مرَّتين أَو ثَلَاثًا أَو أَرْبعا.

فَقَالَ: الأوّل حَطٌّ، وَالثَّانِي زِيَادَة، وَالثَّالِث حَطّ، وَالرَّابِع زِيَادَة، إِلَّا أَن تجْعَل بَعض (إِلَّا) إِذا جُزت الأوّل بِمَعْنى الأوّل، فَيكون ذَلِك الِاسْتِثْنَاء زِيَادَة لَا غير.

قَالَ: وأمّا قَول أبي عُبيدة فِي (إِلَّا) الأولى: إِنَّهَا تكون بِمَعْنى الْوَاو، فَهُوَ خطأ عِنْد النَّحويين.

إِلَى: الْعَرَب تَقول: إِلَيْك عنِّي، أَي أَمْسك وكُفّ.

وَتقول: إِلَيْك كَذَا وَكَذَا، أَي خُذْه؛ وَقَالَ القُطاميّ:

إِذا التَّيار ذُو العَضلات قُلنا

إِلَيْك إِلَيْك ضاقَ بهَا ذِرَاعَا

وَإِذا قَالُوا: اذْهب إِلَيْك، فمعْناه: اشْتَغل بنَفسك وأَقبل عَلَيْهَا؛ وَقَالَ الأَعشى يُخاطب عاذلته:

فاذْهَبي مَا إِليك أَدْركني الحِلْ

مُ عَدَاني من هَيْجِكم إشْفَافِي

وَقد تكون إِلَى انْتِهَاء غَايَة، كَقَوْلِه تَعَالَى: {ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ} (الْبَقَرَة: ١٨٧) .

وَتَكون (إِلَى) بِمَعْنى (مَعَ) ، كَقَوْل الله تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

١٧٦٤ - اْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} (النِّسَاء: ٢) . مَعْنَاهُ: مَعَ أَمْوَالكُم.

وَأما قَول الله تَعَالَى: {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} (الْمَائِدَة: ٦) ، فَإِن أَبَا الْعَبَّاس وَغَيره من النَّحْوِيين جعلُوا (إِلَى) بِمَعْنى (مَعَ) هَاهُنَا، وأَوْجَبُوا غَسل المَرافق والكعبَيْن.

وَقَالَ مُحَمَّد بن يزِيد وَإِلَيْهِ ذهب الزّجاج: اليدُ من أَطراف الْأَصَابِع إِلَى الْكَتف،

<<  <  ج: ص:  >  >>