يَعني الشَّمْس.
(قلت) : وَقد روينَا عَن ابْن مسعودٍ أَنه قَالَ: دُلُوكُ الشَّمْس: غروبُها.
وروى ابْن هانىءٍ عَن الْأَخْفَش أنهُ قَالَ: دُلُوكُ الشَّمس: مِن زَوَالهَا إِلَى غُرُوبهَا.
وَقَالَ أَبو إِسْحَاق: دُلُوكُ الشمْس: زَوالُهَا فِي وقتِ الظُّهرِ وَكَذَلِكَ مَيْلُهَا للغروبِ هُوَ دلُوكها أَيضاً.
يُقَال: قد دلكت بَرَاحِ وبِرَاحٍ أَي قد مَالَتْ للزوال حَتَّى صَار النَّاظر يحتاجُ إِذا تبصَّرها أَن يكسِر الشعاعَ عَن بصرهِ براحَتهِ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابنِ الْأَعرَابِي فِي قَوْله: دَلكَتْ بَرَاح أَي اسْتريح مِنْهَا.
(قلت) : وَالَّذِي هُوَ أَشْبَهُ بالحقِّ فِي قَول الله جلّ وَعز: {أَقِمِ الصَّلَواةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} ... الْآيَة أَنَّ دُلُوكَها: زَوَالُهَا نصفَ النَّهَارِ حَتَّى تكون الآيةُ مُنْتَظمةً للصَّلوات الخمسِ، الْمَعْنى، وَالله أَعْلم: أَقِمِ الصَّلاةَ يَا محمَّدُ أَي أدِمها فِي وَقت زَوَال الشَّمْس إِلَى غَسَقِ اللَّيْل، فيدْخُل فِيهَا صلَاتَا العَشيِّ، وهما الظُّهْرُ والعَصْرُ، وصلاتَا العِشَاء فِي غَسَقِ اللَّيْل فَهَذِهِ أربعُ صَلوَاتٍ، والخامسةُ قَوْله جلّ وعزّ: {وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ} (الْإِسْرَاء: ٧٨) ، أَيْ وأَقِمْ صلَاةَ الفَجْر فَهَذِه خَمْسُ صُلواتٍ فُرضتْ على مُحمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأُمَّتِهِ. وَإِذا جعلْتَ الدُّلُوكَ غروبَ الشَّمْسِ كانَ الأمْرُ فِي هَذِه الآيةِ مَقْصُوراً على ثلاثِ صَلَوَاتٍ.
فإنْ قِيلَ فَمَا مَعْنى الدُّلُوكِ فِي كلامِ العَرَبِ؟ .
قيل: الدُّلوكُ: الزَّوَالُ، وَلذَلِك قيل لِلشَّمْسِ إِذا زَالَتْ نصفَ النَّهارِ: دَالِكَةٌ، وَقيل لَهَا إِذا أَفَلَتْ: دَالِكَةٌ لأنَّها فِي الحَالتَيْن زَائِلةٌ.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : دَمَكَتِ الشمسُ، ودَلَكَت، وعلَتْ، واعْتَلَتْ، كلُّ هَذَا: ارْتفاعُهَا، وسُمِّيَ ارْتِفَاعُها دُلُوكاً لِزَوَالها عَن مطْلَعها، وَقيل لَهُ: دُمُوكٌ لِدَوَرَانِها.
وَفِي حَدِيث عمر أنَّه كَتَبَ إِلَى خَالِد بن الْوَلِيد أنّهُ بَلغني أنهُ أُعِدَّ لَك دَلُوكٌ عُجنَ بِالْخمرِ، وإنِّي أَظُنُّكُمْ آلَ المُغِيرة ذَرْوَ النَّارِ، والدَّلُوكُ: اسمُ الدّواءِ أَو الشَّيْء الَّذِي يُتَدَلَّكُ بِهِ كالسَّحُورِ لما يُتَسَحّرُ بِهِ، والفَطُورِ لما يُفْطَرُ عَلَيْهِ، وسُئلَ الحسنُ عَن الرَّجُل يُدَالِكُ أَهْلَهُ فقالَ: نعمْ إِذا كانَ مُلْفَجاً.
قَالَ أَبُو عبيد قَوْله: يُدَالكُ يَعْني المَطْلَ بالمهْرِ، وكلُّ مُماطِلٍ فَهُوَ مُدَالِكٌ.
وَقَالَ شمرٌ قَالَ الفَرّاءُ: المدَالِكُ: الَّذِي لَا يرفَعُ نَفْسَهُ عَن دَنِيَّةٍ وَهُوَ مُدْلِكٌ وهم يُفَسِّرونَه المَطُولَ. وَأنْشد: